﴿قَبْضاً يَسِيراً﴾ سهلاً غير عسير أو قليلا قليلا أى جزأ فجزأ بالشمس التى تأتى عليه وجاء بثم لتفاضل ما بين الأمور فكأن الثاني أعظم من الأول والثالث أعظم من الثاني شبه تباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (٤٧)
﴿وهو الذي جعل لكم الليل لِبَاساً﴾ جعل الظلام الساتر كاللباس ﴿والنوم سُبَاتاً﴾ راحة لأبدانكم وقطعاً لأعمالكم والسبت القطع والنائم مسبوت لأنه انقطع عمله وحركته وقيل السبات الموت المسبوت الميت لأنه مقطوع الحياة وهو كقوله تعالى وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعضده ذكر النشور في مقابلته ﴿وَجَعَلَ النهار نشورا﴾ إذا لنشور انبعاث من النوم كنشور الميت أى ينشر فيه الخلق للمعاش وهذه الآية مع دلالتها على قدرة الخالق فيها إظهار لنعمته والحياة عبرة لمن اعتبر وقال لقمان لابنه كما تنام فتوعظ كذلك تموت فتنشر
وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨)
﴿وَهُوَ الذى أَرْسَلَ الرياح﴾ الريح مكي والمراد الجنس ﴿بُشَرًا﴾ تخفيف بشر جمع بشور ﴿بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ﴾ أي قدام المطر لأنه ريح ثم سحاب ثم مطر وهذه استعارة ملحية ﴿وأنزلنا من السماء ماء﴾ مطر ﴿طَهُوراً﴾ بليغاً في طهارته والطهور صفة كقولك ماء طهور أي طاهر واسم كقولك لما يتطهر به طهور كالوضوء والوقود لما يتوضأ به وتوقد به النار ومصدر بمعنى التطهر كقولك تطهرت طهورا حسنا ومنه قوله عليه الصلاة والسلام إلا بطهور أي بطهارة وما حكي عن ثعلب هو


الصفحة التالية
Icon