فيه فيشكروا ﴿فأبى أَكْثَرُ الناس إِلاَّ كُفُورًا﴾ فأبى أكثرهم إلا كفران النعمة وجحودها وقلة الا كتراث لها أو صرفنا المطر بينهم في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة وعلى الصفات المتفاوتة من وابل وطل وجود ورذاذ وديمة فأبوا إلا الكفور وأن يقولوا مطر نابنوء كذا ولا يذكروا صنع الله تعالى ورحمته وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما من عام أقل مطراً من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء وقرأ الآية وروي أن الملائكة يعرفون عدد المطر ومقداره في كل عام لأنه لا يختلف ولكن يختلف فيه البلاد وينتزع من هنا جواب في تنكير البلدة والأنعام والأناسي ومن نسب الأمطار إلى الأنواء وجحد أن تكون هي والانواء من خلق الله تعالى كفروان رأى أن الله تعالى خالقها وقد نصب الأنواء أمارات ودلالات عليها لم يكفر
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)
﴿ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا فَلاَ تُطِعِ الكافرين﴾ أي لو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى ولبعثنا في كل قرية نبيا ينذؤها ولكن شئنا أن نجمع لك فضائل جميع المرسلين بالرسالة إلى كافة العالمين فقصرنا الأمر عليك وعظمناك به فتكون وحدك ككلهم ولذا خوطب بالجمع يا أيها الرسل فقابل ذلك بالشكر والصبر والتشدد ولا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من موافقتهم ومداهنتهم وكما آثرتك على
الفرقان (٥٧ - ٥٢)
جميع الأنبياء فآثر رضائي على جميع الأهواء وأريد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم ﴿وجاهدهم بِهِ﴾ أي بالله يعني بعونه وتوفيقه أو بالقرآن أي جادلهم به وقرعهم بالعجز عنه ﴿جِهَاداً كَبيراً﴾ عظيماً موقعه عند الله لما يحتمل فيه من المشاق ويجوز أن يرجع الضمير في به إلى ما دل عليه ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا من كونه نذير كافة القرى لأنه لو بعث فى كل قرية نذير لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول الله تلك المجاهدات فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم فقال له وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهاداً كبيراً جامعاً لكل مجاهدة