وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (٥٣)
﴿وَهُوَ الذى مَرَجَ البحرين﴾ خلاّهما متجاورين متلاصقين تقول مرجت الدابة إذا خليتها ترعى وسمى الماءين الكثيرين الواسعين بحرين ﴿هذا﴾ أي أحدهما ﴿عذب فرات﴾ صفة لعذب أي شديد العذوبة حتى يقرب إلى الحلاوة ﴿وهذا ملح أجاج﴾ صفة لملح أي شديد الملوحة ﴿وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً﴾ حائلاً من قدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج فهما فى الظاهر مختلفان وفي الحقيقة منفصلان ﴿وَحِجْراً مَّحْجُوراً﴾ وستراً ممنوعاً عن الأعين كقوله حجابا مستورا
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤)
﴿وَهُوَ الذى خَلَقَ مِنَ الماء﴾ أي النطفة ﴿بَشَرًا﴾ إنساناً ﴿فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً﴾ أراد تقسيم البشر قسمين ذوي نسب أي ذكوراً ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان وذوات صهر أي إناثاً يصاهر بهن كقوله تعالى فَجَعَلَ مِنْهُ الزوجين الذكر والأنثى ﴿وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً﴾ حيث خلق من النطفة الواحدة بشراً نوعين ذكراً وأنثى وقيل فجعله نسباً أي قرابة وصهراً مصاهرة يعني الوصلة بالنكاح من باب الأنساب لأن التواصل يقع بها وبالمصاهرة لأن التوالد يكون بهما
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (٥٥)
﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُهُمْ﴾ إن عبدوه ﴿وَلاَ يَضُرُّهُمْ﴾ إن تركوه ﴿وَكَانَ الكافر على رَبّهِ﴾ على معصية ربه ﴿ظَهِيرًا﴾ معيناً ومظاهراً وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز والظهير والمظاهر كالعوين والمعاون والمظاهرة المعاونة والمعنى أن الكافر بعبادة الصنم يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الرحمن
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦)
﴿وما أرسلناك إلا مبشرا﴾ للمؤمنين ﴿ونذيرا﴾ للكافرين
قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧)
﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ على التبليغ ﴿مِنْ أَجْرٍ﴾ جعل {إِلاَّ مَن شَاء


الصفحة التالية
Icon