وآثار صنعه فقال معجباً لهم من جواب موسى ألا تستمعون فعاد موسى إلى مثل قوله الأول فجننه فرعون زاعماً أنه حائد عن الجواب فعاد ثالثاً إلى مثل كلامه الأول مبيناً أن الفرد الحقيقي إنما يعرف بالصفات وأن السؤال عن الماهية محال وإليه الإشارة في قوله تعالى إِنْ كُنتُمْ تَعْقِلُونَ أي إن كان لكم عقل علمكم أنه لا تمكن معرفته إلا بهذا الطريق فلما تحير فرعون ولم يتهيأ له أن يدفع ظهور آثار صنعه
قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩)
﴿قَالَ لَئِنِ اتخذت إلها غَيْرِى﴾ أي غيري إلهاً ﴿لأجْعَلَنَّكَ مِنَ المسجونين﴾ أي لأجعلنك واحداً ممن عرفت حالهم في سجوني وكان من عادته أن يأخذ من يريد سجنه فيطرحه في هوة ذاهبة في الأرض بعيدة العمق فرداً لا يبصر فيها ولا يسمع فكان ذلك أشد من القتل ولو قيل لأسجننك لم يؤد هذا المعنى وإن كان أخصر
قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (٣٠)
﴿قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ﴾ الواو للحال دخلت عليها همزة الاستفهام أى أتفعل
الشعراء (٣٩ - ٣٠)
بي ذلك ولو جئتك ﴿بِشَىء مُّبِينٍ﴾ أي جائيا بالمعجزة
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١)
﴿قَالَ فَأْتِ بِهِ﴾ بالذي يبين صدقك ﴿إِن كُنتَ مِنَ الصادقين﴾ أن لك بينة وجواب الشرط مقدر أي فأحضره
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (٣٢)
﴿فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ﴾ ظاهر الثعبانية لا شئ يشبه الثعبان كما تكون الأشياء المزورة بالشعوذة والسحر روي أن العصا ارتفعت في السماء قدر ميل ثم الخطت مقبلة إلى فرعون وجعلت تقول يا موسى مرني بما شئت ويقول فرعون أسألك بالذي أرسلك إلا أخذتها فأخذها فعادت عصا
وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (٣٣)
﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِىَ بَيْضَاء للناظرين﴾ فيه دليل على أن بياضها كان شئ يجتمع النظارة على النظر إليه لخروجه عن العادة وكان بياضها نورياً روي أن