وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)
﴿واجعل لّى لِسَانَ صِدْقٍ فِى الآخرين﴾ أي ثناء حسناً وذكراً جميلاً في الأمم التي تجئ بعدي فأعطي ذلك فكل أهل دين يتولونه ويثنون عليه ووضع اللسان موضع القول لأن القول يكون به
وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥)
﴿واجعلنى مِن﴾ يتعلق بمحذوف أي وارثاً من ﴿وَرَثَةِ جَنَّةِ النعيم﴾ أي من الباقين فيها
وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦)
﴿واغفر لأبِى﴾ اجعله أهل المغفرة بإعطاء الإسلام وكان وعده الإسلام يوم فارقه ﴿إِنَّهُ كَانَ من الضالين﴾ الكافرين
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧)
﴿ولا تحزني﴾ الإخزاء من الخزي وهو الهوان أو من الخزاية وهو الحياء وهذا نحو الاستغفار كما بينا ﴿يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ الضمير فيه للعباد لأنه معلوم أو للضالين وأن يجعل من جملة الاستغفار لأبيه أي ولا تخزني في يوم يبعث الضالون وأبي فيهم
يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨)
﴿يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ﴾ هو بدل من يوم الأول ﴿وَلاَ بَنُونَ﴾ أحداً
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)
﴿إِلاَّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ عن الكفر والنفاق فقلب الكافر والمنافق مريض لقوله تعالى فِى قُلُوبِهِمْ مرض أي إن المال إذا صرف في وجوه البر وبنوه صالحون فإنه ينتفع به وبهم سليم القلب أو جعل المال والبنون في معنى الغني كأنه قيل يوم لا ينفع غنى إلا غنى من أتى الله بقلب سليم لأن غنى الرجل في دينه بسلامة قلبه كما أن غناه في دنياه بماله وبينه وقد جعل من مفعولا لينفع أي لا ينفع مال ولا بنون إلا رجلا قلبه مع ماله حيث أنفقه في طاعة الله ومع بنيه
الشعراء (١٠١ - ٩٠)
حيث أرشدهم إلى الدين وعلمهم الشرائع ويجوز على هذا إلا من أتى الله بقلب سليم من فتنة المال والبنين وقد صوب الجليل استثناء الخليل إكراماً له ثم جعله صفة له في قوله وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإبراهيم إِذْ جاء ربه بقلب سليم وما أحسن ما رتب عليه السلام من كلامه


الصفحة التالية
Icon