إن أردت أن أنصح لكم وهو دليل بين لنا في إرادة المعاصي ﴿هُوَ رَبُّكُمْ﴾ فيتصرف فيكم على قضية إرادته ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ فيجازيكم على أعمالكم
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)
﴿أَمْ يَقُولُونَ افتراه﴾ بل أيقولون افتراه ﴿قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَىَّ إِجْرَامِى﴾ أي إن صح أني افتريته فعلي عقوبة إجرامي أي افترائي يقا أجرم الرجل إذا أذنب ﴿وَأَنَاْ بَرِىء﴾ أي ولم يثبت ذلك وأنا برئ منه ومعنى ﴿مّمَّا تُجْرَمُونَ﴾ من إجرامكم في إسناد الافتراء إلي فلا وجه لإعراضكم ومعاداتكم
وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)
﴿وأوحي إلى نوح أنه لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمن﴾ إقناط من إيمانهم وأنه غير متوقع وفيه دليل على أن للإيمان حكم التجدد كأنه قال إن الذي آمن يؤمن في حادث الوقت وعلى ذلك تخرج الزيادة التي ذكرت في الإيمان بالقرآن ﴿فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ فلا تحزن حزن بائس مستكين والابتآس افتعال من البؤس وهو الحزن والفقر والمعنى فلا تحزن بما فعلوه من تكذيبك وإيذائك فقد حان وقت الانتقام من أعدائك
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٣٧)
﴿واصنع الفلك بأعيننا﴾ وهو في موضع الحال أي اصنعها محفوظاً وحقيقته ملتبسا بأعيننا كأن لله أعينا تكلؤه من أن يزيغ في صنعته عن الصواب ﴿وَوَحينَا﴾ وأنا نوحي إليك ونلهمك كيف تصنع عن ابن عباس رضى الله عنهما لم يعلم كيف صنعة الفلك فأوحى الله إليه أن يصنعها مثل جؤجؤ الطير ﴿وَلاَ تخاطبنى فِى الذين ظَلَمُواْ﴾ ولا تدعني في شأن قومك واستدفاع العذاب عنهم بشفاعتك ﴿إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ﴾ محكوم عليهم بالإغراق وقد قضى به وجف القلم فلا سبيل إلى كفه


الصفحة التالية
Icon