وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (٣٨)
﴿وَيَصْنَعُ الفلك﴾ حكاية حال ماضية ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ﴾ من عمله السفينة وكان يعملها في برية في أبعد موضع من الماء فكانوا يتضاحكون منه ويقولون له يا نوح صرت نجارا بعدما كنت نبياً ﴿قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فإنا نسخر منكم﴾ عند رؤية الهلال ﴿كما تسخرون﴾ منا عند رؤية الفلك
هود (٣٩ _ ٤١)
روي أن نوحاً عليه السلام اتخذ السفينة من خشب الساج في سنتين وكان طولها ثلثمائة ذراع أو ألفاً ومائتي ذراع وعرضها خمسون ذراعاً أو ستمائة ذراع وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام وركب نوح ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد وحمل معه جسد آدم عليه السلام وجعله حاجزاً بين الرجال والنساء
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٩)
﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ﴾ من في محل نصب يتعلمون أي فسوف تعلمون الذي يأتيه ﴿عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾ ويعني به إياهم ويريد بالعذاب عذاب الدنيا وهو الغرق وَيَحِلُّ عَلَيْهِ وينزل عليه ﴿عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ وهو عذاب الآخرة
حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٤٠)
﴿حتى﴾ هى التى يبتدا بعدها الكلام أدخلت على الجملة من الشرط والجزاء وهي غاية لقوله ويصنع الفلك أي وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد وما بينهما من الكلام حال من يصنع أي يصنعها والحال أنه كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه وجواب كلما سخروا وقال استئناف على تقدير سؤال سائل أو قال جواب وسخروا بدل من مر أو صفة لملأ ﴿إِذَا جَاء أَمْرُنَا﴾ عذابنا ﴿وَفَارَ التنور﴾ هو كناية عن اشتداد الأمر وصعوبته وقيل معناه جاش الماء من تنور الخبز وكان من حجر لحواء فصار إلى نوح عليه السلام وقيل