وقومه ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فاسقين﴾ خارجين عن أمر الله كافرين
فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣)
﴿فلما جاءتهم آياتنا﴾ أي معجزاتنا ﴿مُبْصِرَةً﴾ حال أي ظاهرة بينة جعل الإبصار لها وهو في الحقيقة لمتأمليها لملابستهم إياها بالنظر والتفكر فيها أو جعلت كأنها تبصر فتهدي لأن الأعمى لا يقدر على الاهتداء فضلاً أن يهدي غيره ومنه قولهم كلمة عمياء وعوراء لأن الكلمة الحسنة ترشد والسيئة تغوي ﴿قالوا هذا سحر مبين﴾ ظاهر لمن نأمله وقد قوبل بين المبصرة والمبين
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)
﴿وَجَحَدُواْ بِهَا﴾ قيل الجحود لا يكون إلا من علم من الجاحد وهذا ليس بصحيح لأن الجحود هو الإنكار وقد يكون الإنكار للشيء للجهل به وقد يكون بعد المعرفة تعنتا كذا ذكر في الشرح التأويلات وذكر في الديوان يقال جحد حقه وبحقه بمعنى والواو في ﴿واستيقنتها﴾ للحال وقد بعدها مضمرة والاستيقان أبلغ من الإيقان ﴿أَنفُسِهِمْ﴾
النمل (١٦ - ١٤)
أي جحدوا بألسنتهم واستيقنوها في قلوبهم وضمائرهم ﴿ظُلْماً﴾ حال من الضمير في جحدوا وأي ظلم أفحش من ظلم من استيقن أنها آيات من عند الله ثم سماها سحراً بيناً ﴿وَعُلُوّاً﴾ ترفعاً عن الإيمان بما جاء به موسى ﴿فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين﴾ وهو الإغراق هنا والإحراق ثمة
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥)
﴿ولقد آتينا﴾ أعطينا ﴿داود وسليمان علماً﴾ طائفة من العلم أو علماً سنياً غزيراً والمراد علم الدين والحكم ﴿وقالا الحمد لله الذي فضّلنا على كثيرٍ مّن عباده المؤمنين﴾ والآيات حجة لنا على المعتزلة في ترك الأصلح وهنا محذوف ليصح عطف الواو عليه ولولا تقدير المحذوف لكان الوجه الفاء كقولك أعطيته فشكر وتقديره آتيناهما علماً فعملا به وعلماء وعرفا حق النعمة فيه وقالا الحمد لله الذي فضلنا والكثير المفضل عليه من لم يؤت علماً أو من لم يؤت مثل علمهما وفيه أنهما فضلا على كثير وفضل عليهما كثير وفي الآية دليل على شرف العلم وتقدم حملته وأهله وأن نعمة