العسكر حتى بلحقهم التوالي ليكونوا مجتمعين وذلك للكثرة العظيمة والوزع المنع ومنه قول عثمان رضي الله عنه ما يوزع السلطان أكثر مما يزع القرآن
حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٨)
﴿حتى إذا أتوا على وادي النّمل﴾ أي ساروا حتى إذا بلغوا وادي النمل وهو واد بالشام كثير النمل وعدي بعلى لأن اتيانهم كان من فوق فأنى بحرف الاستعلاء ﴿قالت نملةٌ﴾ عرجاء تسمى طاخية أو منذرة وعن قتادة أنه دخل الكوفة فالتف عليه الناس فقال سلوا عما شئتم فسأله ابو حنيفة رضي الله عنه وهو شاب عن نملة سليمان أكانت ذكراً أم أنثى فافحم فقال أبو حنيفة رضي الله عنه كانت أنثى فقيل له بماذا عرفت فقال بقوله قالت نملة ولو كانت ذكراً لقال قال نملة وذلك أن النملة مثل الحمامة في وقوعها على الذكر والأنثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة أنثى وهو وهي ﴿يا أيها النّمل ادخلوا مساكنكم﴾ ولم يقل ادخلن لأنه لما جعلها قائلة والنمل مقولاتهم كما يكون في أولي العقل أجرى خطابهن مجرى خطابهم ﴿لا يحطمنكم﴾ لا يكسر نكم والحطم الكسر وهو نهي مستأنف وهو في الظاهر نهي لسليمان عن الحطم وفي الحقيقة نهي لهن عن البروز والوقوف على طريقة لا أرينك ههنا أي لا تحضر هذا الموضع وقيل هو جواب الأمر وهو ضعيف يدفعه نون التأكيد لأنه من ضرورات الشعر ﴿سليمان وجنوده﴾ قيل أراد يحطمنكم جنود سليمان
النمل (٢١ - ١٩)
فجاء بما هو أبلغ ﴿وهم لا يشعرون﴾ لا يعلمون بمكانكم أي لو شعروا لم يفعلوا قالت ذلك على وجه العذر واصفة سليمان وجنوده بالعدل فسمع سليمان قولها من ثلاثة أميال
فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (١٩)
﴿فتبسّم ضاحكاً مّن قولها﴾ متعجباً من حذرها واهتدائها لمصالحها