علمه ثم قال لسيد الطير وهو العقاب عليّ به فارتفع فنظر فإذا هو مقبل فقصده فناشده الله فتركه فلما قرب من سليمان أرخى ذنبه وجناحيه يجرهما على الأرض وقال يا نبي الله اذكر وقوفك بين يدي الله فارتعد سليمان وعفا عنه
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢١)
﴿لأعذّبنّه عذاباً شديداً﴾ بنتف ريشه وإلقائه في الشمس أو بالتفريق بينه وبين ألغه أو بإلزامه خدمة أقرآنه أو بالحبس مع أضداده وعن بعضهم أضيق السجون معاشرة الأضداد أو بإيداعه القفص أو بطرحه بين يدي النمل ليأكله وحل له تعذيب الهدهد لما رأى فيه من المصلحة كما حل ذبح البهائم والطيور للأكل وغيره من المنافع وإذا سخر له الطير لم يتم التسخير إلا بالتأديب والسياسة ﴿أو لأذبحنّه أو ليأتينّي﴾ بالنون الثقيلة ليشاكل قوله لأعذبنه وحذف
النمل (٢٤ - ٢١)
نون العماد للتخفيف ليأتيني بنونين مكي الأولى للتأكيد والثانية للعماد ﴿بسلطانٍ مّبينٍ﴾ بحجة له فيها عذر ظاهر على غيبته والإشكال أنه حلف على أحد ثلاثة أشياء اثنان منها فعله ولا مقال فيه والثالث فعل الهدهد وهو مشكل لأنها من أين درى أنه يأتي بسلطان حتى قال والله ليأتيني بسلطان وجوابه أن معنى كلامه ليكونن أحد الأمور يعني إن كان الإتيان بسلطان لم يكن تعذيب ولا ذبح وإن لم يكن كان أحدهما وليس في هذا ادعاء دراية
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢)
﴿فمكث﴾ الهدهد بعد تفقد سليمان إياه وبضم الكاف غير عاصم وسهل ويعقوب وهما لغتان ﴿غير بعيدٍ﴾ أي مكثاً غير طويل أو غير زمان بعيد كقوله عن قريب ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفاً من سليمان فلما رجع سأله عما لقي في غيبته ﴿فقال أحطت﴾ علمت شيئاً من جميع جهاته ﴿بما لم تحط به﴾ ألهم الله الهدهد