أبلغ من أم كذبت لأنه إذا كان معروفاً بالانخراط في سلك الكاذبين كان كاذباً لا محالة وإذا كان كاذباً اتهم بالكذب فيما أخبر به فلم يوثق به ثم كتب سليمان كتاباً صورته من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ بسم الله الرحمن الرحيم السلام على من اتبع الهدى أما بعد فلا نعلوا علي وأتوني مسلمين وطبعه بالمسك وختمه بخاتمه وقال للهدهد
اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (٢٨)
﴿اذهب بّكتابي هذا فألقه﴾ بسكون الهاء تخفيفاً أبو عمرو وعاصم وحمزة ويختلسها كسر التدل الكسرة على الياء المحذوفة يزيد وقالون ويعقوب قالفهى بإثبات الياء غيرهم ﴿إليهم﴾ إلى بلقيس وقومها لأنه ذكرهم معها في قوله وجدتها وقومها يسجدون للشمس وبني الخطاب في الكتاب على لفظ الجمع لذلك ﴿ثمّ تولّ عنهم﴾ تنح عنهم إلى مكان قريب بحيث تراهم ولا يرونك ليكون ما يقولونه بمسمع عنك ﴿فانظر ماذا يرجعون﴾ ما الذي يرونه من الجواب فأخذ الهدهد الكتاب بمنقاره ودخل عليها من كوة فطرح الكتاب على نحرها وهي راقدة وتوارى في الكوة فانتبهت فزعة أو أتاها الجنود حواليها فرفرف ساعة وألقى الكتاب في حجرها وكانت قارئة فلما رأت الخاتم
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩)
﴿قالت﴾ لقومها خاضعة خائفة ﴿يا أيها الملأ إنّي﴾ وبفتح الياء مدني ﴿ألقي إليّ كتابٌ كريم﴾ حسن مضمومه وما فيه مختوم قال عليه الصلاة والسلام كرم الكتاب ختمه وقبل من كتب أخيه كتاباً ولم يختمه فقد استخف به أو مصدر ببسم الله الرحمن الرحيم أو لأنه
النمل (٣٥ - ٣٠)
من عند ملك كريم
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)
﴿إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرّحمن الرّحيم﴾ هو تبيين لما ألقى إليها كأنها لما قالت إني ألقي إلى كتاب كريم قيل لها ممن هو وما هو فقالت أنه من سليمان وانه كيت وكيت