أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)
وأن في ﴿ألاّ تعلوا﴾ لا تترفعوا عليّ ولا تتكبروا كما تفعل الملوك مفسرة كقوله وانطلق المللأ منهم أن امشوا يعني أي امشوا ﴿وأتوني مسلمين﴾ مؤمنين أو منقادين وكتب الأنبياء مبينة على الأيجاز والاختصار
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)
﴿قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري﴾ أشيروا علي في الأمر الذي نزل بي والفتوى والجواب في الحادثة اشتقت على طريق الاستعارة من الفتاء في السن والمراد هنا بالتقوى الإشارة عليها بما عندهم من الرأي وقصدها بالرجوع إلى استشارتهم تطبيب أنفسهم ليمالئوها ويقوموا معها ﴿ما كنت قاطعةً أمراً﴾ فاصلة أو ممضية حكماً ﴿حتّى تشهدون﴾ بكسر النون والفتح لحن لأن النون إنما تفتح في موضع الرفع وهذا في موضع النصب وأصله تشهدونني وحذفت النون الأولى للنصب والياء لدلالة الكسرة عليها بالياء في الوصل والوقف يعقوب أي تحضروني أو تشيروني أو تشهدوا أنه صواب أي لا أبت الأمر إلا بمحضركم وقيل كان أهل مشورتها ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل واحد على عشرة آلاف
قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣)
﴿قالوا﴾ مجيبين لها ﴿نحن أولوا قوة وأولو بأسٍ شديدٍ﴾ أرادوا بالقوة قوة الأجساد والآلات وبالبأس النجدة والبلاء في الحرب ﴿والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين﴾ أي موكول إليك ونحن مطيعون لك فمرينا بأمرك نطعك ولا نخالفك كأنهم أشاروا عليها بالقتال أو أرادوا نحن من أبناء الحرب لا من أبناء الرأي والمشورة وأنت ذات الرأي والتدبير فانظري مذا ترين نتبع رأيك فلما أحست منهم الميل إلى المحاربة مالت إلى المصالحة ورتبت الجواب فزيفت أولاً ما ذكروه وأرتهم الخطأ فيه حيث
قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤)
﴿قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً﴾ عنوة وقهراً ﴿أفسدوها﴾ خربوها ﴿وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً﴾ أذلوا أعزتها وأهانوا أشرافها وقتلوا وأسروا