فذكرت لهم سوء عاقبة الحرب ثم قالت ﴿وكذلك يفعلون﴾ أرادت وهذه عادتهم المستمرة التي لا تتغير لأنها كانت في بيت الملك القديم فسمعت نحو ذلك ورأت ثم ذكرت بعد ذلك حديث الهدية وما رأت من الرأي السديد، وقيل هو تصديق من الله لقولها واحتج الساعي في الأرض بالفساد بهذه الآية ومن استباح حراماً فقد كفر وإذا احتج بالقرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين ﴿وإنّي مرسلةٌ إليهم بهديّةٍ﴾ أي مرسلة رسلا بهدية
وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (٣٥)
﴿فناظرة﴾ فمنتظرة ﴿بم﴾ أي بما لأن الألف
النمل (٣٦)
تحذف مع حرف الجر في الاستفهام ﴿يرجع المرسلون﴾ بقبولها أم بردها لأنها عرفت عادة الملوك وحسن مواقع الهدايا عندهم فإن كان ملكا فبلها وانصرف وإن كان نبياً ردها ولم يرض منا إلا أن نتبعه على دينه فبعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري وحليهن راكبي خيل مغشاة بالديباج محلاة اللجم والسروج بالذهب المرصع بالجواهر وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان وألف لبنة من ذهب وفضة وتاجا مكللا بالدر والياقوت وحقافية درة عذراء وجزعة معوجة الثقب وبعثت رسلاً وأمرت عليهم المنذر بن عمرو بدليل قوله تعالى بم يرجع المرسلون وكتبت كتابا في نسخة الهدايا وقالت فيه إن كنت نبياً فميز بين الوصفاء والوصائف وأخبر بما في الحق واثقب الدرة ثقباً واسلك في الخرزة خيطاً ثم قالت للمنذر إن نظر إليك نظر غضبان فهو ملك فلا يهولنك منظره وإن رأيته بشاشاً لطيفاً فهو نبي فأقبل الهدهد وأخبر سليمان الخبر كله فأمر سليمان الجن فضربوا لبنات الذهب والفضة وفرشوها في ميدان بين يديه طوله سبعة فراسخ وجعلوا حول الميدان حائطاً شرفه من الذهب والفضة وأمر بأحسن الدواب في البر والبحر فربطوها عن يمين الميدان ويساره على اللبنات وأمر بأولاد الجن وهم خلق كثير فأقيموا عن