خفيت عليه حالي فأنا أخبره الساعة بما لا أحتاج معه إلى إمداده كأني أقول له أنكر عليك ما فعلت فإني غني عنه وعليه ورد فما آتاني الله ووجه الإضراب أنه لما أنكر عليهم الإمداد وعلل إنكاره أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه وهو أنهم لا يعرفون سبب رضا لا فرح إلا أن يهدي إليهم حظ من الدنيا التي لا يعلمون غيرها
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (٣٧)
﴿ارجع إِلَيْهِمْ﴾ خطاب للرسول أو الهدهد محملاً كتاباً آخر إليهم ائت بلقيس وقومها ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا﴾ لا طاقة لهم بها وحقيقة القبل المقاومة والمقابلة أي لا يقدرون أن يقابلوهم ﴿وَلَنُخْرِجَنَّهُم مّنْهَا﴾ من سبأ ﴿أَذِلَّةً وَهُمْ صاغرون﴾ الذل أن يذهب عنهم ما كانوا فيه من العز والملك والضغار أن يقعوا في أسر واستبعاد فلما رجع إليها رسولها بالهدايا وقص عليها القصة قالت هو نبي وما لنا به طاقة ثم جعلت عرشها في آخر سبعة أبيات وغلقت الأبواب ووكلت به حرساً يحفظونه وبعثت إلى سليمان قادمة إليك لأنظر ما الذي تدعو إليه وشخصت إليه في اثني عشر ألف قبل تحت كل قيل ألوف فلما بلغت على رأس فرسخ من سليمان
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨)
﴿قَالَ يَا أَيُّهَا الملأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ﴾ أراد أن يريها بذلك بعض ما خصه الله تعالى به من إجراء العجائب على يده مع إطلاعها على عظم قدرة الله تعالى وعلى ما يشهد لنبوة سليمان أو أراد أن يأخذه قبل أن تسلم لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحل له أن أخذ ما لها وهذا بعيد عند أهل التحقيق أو أراد أن يؤتى به فينكر ويغير ثم ينظر أتثبته أم تنكره اختباراً لعقلها
قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (٣٩)
﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مّن الجن﴾ وهو الخبيث المارد وإسمه ذكوان ﴿أنا آتيك بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ مجلس حكمك وقضائك ﴿وَإِنّى عَلَيْهِ﴾ على حمله