وهذه منقطعة بمعنى بل والهمزة ولما قال الله خير أم الآلهة قال بل أمن خلق السموات والأرض خير تقريراً لهم بأن من قدر على خلق العالم خير من جماد لا يقدر على شيء ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السماء ماء﴾ مطرا ﴿فأنبتنا﴾ صرف
النمل (٦٤ - ٦٠)
الكلام عن الغيبة إلى التكلم تأكيداً لمعنى اختصاص الفعل بذاته وإيذاناً بأن إنبات الحدائق المختلفة والأصناف والألوان والطعوم والأشكال مع حسنها بماء واحد لا يقدر عليه إلا هو وحده ﴿بِهِ﴾ بالماء ﴿حَدَائِقَ﴾ بساتين والحديقة البستان وعليه حائط من الإحداق وهو الإحاطة ﴿ذَاتُ﴾ ولم يقل ذوات لأن المعنى جماعة حدائق كما تقول النساء ذهبت ﴿بَهْجَةٍ﴾ حسن لأن الناظر يبتهج به ثم رشح معنى الاختصاص بقوله ﴿مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا﴾ ومعنى الكينونة الانبغاء أراد أنّ تأتّى ذلك محال من غيره ﴿أإله مَّعَ الله﴾ أغيره يقرن به ويجعل شريكاً له ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾ به غيره أو يعدلون ن الحق الذي هو التوحيد وبل هم بعد الخطاب أبلغ في تخطئة رأيهم
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٦١)
﴿أم من جَعَلَ الأرض﴾ وما بعده بدل من أمن خلق فكان حكمها حكمه ﴿قَرَاراً﴾ دحاها وسواها للاستقرار عليها ﴿وَجَعَلَ خِلاَلَهَا﴾ ظرف أي وسطها وهو المفعول الثاني والأول ﴿أَنْهَاراً﴾ وبين البحرين مثله ﴿وَجَعَلَ لَهَا﴾ للأرض ﴿رَوَاسِىَ﴾ جبالاً تمنعها عن الحركة ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ البحرين﴾ العذب والمالح ﴿حاجزا﴾ مانعا أن يختلطا ﴿أإله مَّعَ الله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ التوحيد فلا يؤمنون
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)
﴿أم من يُجِيبُ المضطر إِذَا دَعَاهُ﴾ الاضطرار افتعال من الضرورة وهي الحالة المحوجة إلى اللجأ يقال اضطره إلى كذا والفاعل والمفعول مضطر والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقرأ ونازلة من نوازل الدهر إلى اللجأ


الصفحة التالية
Icon