بالتاء لا غير وعن ابن عباس رضي الله عنهما إن الله تعالى خلق الدنيا وجعل أهلها ثلاثة أصناف المؤمن والنافق والكافر فالمؤمن يتزود والمنافق يتزين والكافر يتمتع ثم قرر هذه الآية بقوله
أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)
﴿أَفَمَن وعدناه وَعْداً حَسَناً﴾
أي الجنة فلا شيء أحسن منها دائمة ولذا سميت الجنة بالحسنى ﴿فَهُوَ لاَقِيهِ﴾ أي رائيه ومدركه ومصيبه ﴿كَمَن مَّتَّعْنَاهُ متاع الحياة الدنيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ القيامة مِنَ المحضرين﴾ من الذين أحضروا النار ونحوه فكذبوه فإنهم لمحضرون نزلت في رسول الله ﷺ وأبي جهل لعنه الله أو في علي وحمزة وأبي جهل أو في المؤمن والكافر ومعنى الفاء الأولى أنه لما ذكر التفاوت بين متاع الحياة الدنيا وما عند الله عقبه بقوله أفمن وعدناه أي أبعد هذا التفاوت الجلي يسوي بين أبناء الدنيا وأبناء الآخرة والفاء الثانية للتسبيب لأن الفاء الموعود مسبب عن الوعد وثم لتراخي حال الإحضار عن حال التمتع ثم هو عليّ كما قيل عضدّ في عضد شبه المنفصل بالمتصل
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)
﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ﴾ ينادي الله الكفار نداء توبيخ وهو عطف على يَوْمُ القيامة أو منصوب باذكر ﴿فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ﴾ بناء على زعمهم ﴿الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ومفعولا تزعمون محذوفان تقديره كنتم تزعمونهم شركائي ويجوز حذف المفعولين في باب ظننت ولا يجوز الاقتصار على أحدهما
قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (٦٣)
﴿قَالَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول﴾ أي الشياطين أو أئمة الكفر ومعنى حق عليهم القول وجب عليهم مقتضاه وثبت وهو قوله لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أجمعين ﴿رَبَّنَا هَؤُلاء﴾ مبتدأ ﴿الذين أَغْوَيْنَا﴾ أي دعوناهم إلى الشرك وسولنا لهم الغي صفة والراجع إلى الموصول محذوف والخبر ﴿أغويناهم﴾ والكاف في ﴿كَمَا غَوَيْنَا﴾ صفة مصدر


الصفحة التالية
Icon