ومحل إذ نصب بتنوء ﴿لاَ تَفْرَحْ﴾ لا تبطر بكثرة المال كقوله ولا تفرحوا بما آتاكم ولا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن وأما من قلبه إلى الآخرة ويعلم أنه يتركها عن قريب فلا يفرح بها ﴿إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين﴾ البطرين بالمال
وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٧٧)
﴿وابتغ فيما آتاك الله﴾ من الغنى والثروة ﴿الدار الأخرة﴾ بأن تتصدق على الفقراء وتصل الرحم ونصرف إلى أبواب الخير ﴿وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا﴾ وهو أن تأخذ ما يكفيك ويصلحك وقيل معناه وأطاب بدنياك آخرتك فإن ذلك حظ المؤمن منها ﴿وَأَحْسَنُ﴾ إلى عباد الله ﴿كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ﴾ أو أحسن بشكرك وطاعتك لخالق الأنام كما أحسن إليك بالإنعام ﴿وَلاَ تَبْغِ الفساد فِى الأرض﴾ بالظلم والبغي ﴿إِنَّ الله لاَ يحب المفسدين﴾
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (٧٨)
﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ﴾ أي المال ﴿على عِلْمٍ عِندِى﴾ أي على استحقاق لما فيّ من العلم الذي فضلت به الناس وهو علم التوراة أو علم الكيمياء وكان يأخذ الرصاص والنحاس فيجعلهما ذهباً أو العلم بوجوه المكاسب من التجارة والزراعة وعندي صفة لعلم قال سهل ما نظر أحد إلى نفسه فأفلح والسعيد من صرف بصره عن أفعاله وأقواله وفتح له سبيل رؤية منة الله تعالى عليه في جميع الأفعال والأقوال والشقي من زين في عينه أفعاله وأقواله وأحواله ولا فتح له سبيل رؤية منة الله فافتخر بها وادعاها لنفسه فشؤمه يهلكه يوماً كما خسف بقارون لما ادّعى لنفسه فضلاً ﴿أَوَ لَمْ يَعْلَمْ﴾ قارون ﴿أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القرون مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً﴾ هو إثبات لعلمه بأن الله قد أهلك من القرون قبله من هو أقوى منه وأغنى لأنه قد قرأه في التوراة كأنه قيل أو لم يعلم في جملة
القصص (٨١ - ٧٨)
ما عنده من العلم هذا حتى لا يغتر بكثرة ماله