دليل على أنهما نشأتان وأن كل واحدة منهما إنشاء أي ابتداء واختراع وإخراج من العدم إلى الوجود غير أن الآخرة لأن الكلام معهم وقع في الإعادة فلما قررهم في الإبداء بأنه من الله احتج عليهم بأن الإعادة إنشاء مثل الإبداء فإذا لم يعجزه الإبداء وجب أن لا يعجزه الإعادة فكأنه قال ثم ذلك الذي أنشأ النشأة الأولى هو الذي ينشيء النشأة الآخرة فللتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ ﴿إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ﴾ قادر
يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١)
﴿يُعَذّبُ مَن يَشَاء﴾ بالخذلان ﴿وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء﴾ بالهداية أو بالحرص والقناعة أو بسوء الخلق وحسنة أو الاعراض عن الله وبالإقبال عليه أو بمتابعة البدع وبملازمة السنة ﴿وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ تردون وترجعون
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٢٢)
﴿وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ ربكم أي لا تفوتونه إن هربتم من حكمه وقضائه ﴿فِى الأرض﴾ الفسيحة ﴿وَلاَ فِى السماء﴾ التي هي أفسح منها وأبسط لو كنتم فيها ﴿وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ﴾ يتولى أموركم ﴿وَلاَ نَصِيرٍ﴾ ولا ناصر يمنعكم من عذابي
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٣)
﴿والذين كفروا بآيات الله﴾ بدلائله على وحدانيته وكتبه ومعجزاته ﴿وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِى﴾ جنتي ﴿وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عذاب أليم﴾
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤)
﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ قوم إبراهيم حين دعاهم إلى الإيمان ﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ اقتلوه أَوْ حَرّقُوهُ﴾ قال بعضهم لبعض أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين فكانوا جميعاً في حكم القائلين فاتفقوا تحريقه {فَأَنْجَاهُ الله