بعد الخوف وملئ سرورا بسبب البشرى فزغ للمجادلة وجواب لما محذوف تقديره أقبل يجادلنا أو يجادلنا جواب لما وإنما جيء به مضارعاً لحكاية الحال والمعنى يجادل رسلنا ومجادلته إياهم أنهم قالوا انا مهلكوا أهل هذه القرية فقال أرأيتم لو كان فهيا خمسون مؤمناً أتهلكونها قالوا لا قال فأربعون قالوا لا قال فثلاثون قالوا لا حتى بلغ العشرة قالوا لا قال أرأيتم إن كان فيها رجل واحد مسلم أتهلكونها قالوا لا فعند ذلك قال إن فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥)
﴿إِنَّ إبراهيم لَحَلِيمٌ﴾ غير عجول على كل من أساء إليه أو كثير الاحتمال ممن آذاه صفوح عمن عصاه ﴿أَوَّاهٌ﴾ كثير التأوه من خوف الله ﴿مُّنِيبٌ﴾ تائب راجع إلى الله وهذه الصفات دالة على رقة القلب والرأفة والرحمة فبين أن ذلك مما حمله على المجادلة فيهم رجاء أن يرفع عنهم العذاب ويمهلوا لعلهم يحدثون
هود (٧٦ _ ٧٩)
التوبة كما حمله على الاستغفار لأبيه
يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)
فقالت الملائكة ﴿يا إبراهيم أَعْرِضْ عَنْ هذا﴾ الجدال وإن كانت الرحمة ديدنك ﴿إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبّكَ﴾ قضاؤه وحكمه ﴿وَإِنَّهُمْ اتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾ لا يرد بجدال وغير ذلك عذاب مرتفع باسم الفاعل وهو آتيهم تقديره وإنهم يأتيهم ثم خرجوا من عند إبراهيم متوجهين نحو قوم لوط وكان بين قرية إبراهيم وقوم لوط أربعة فراسخ
وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)
﴿ولما جاءت رسلنا لوطا﴾ اتوه ورأى هيآتهم وجمالهم ﴿سِىء بِهِمْ﴾ أحزن لأنه حسب أنهم إِنس فخاف عليهم خبث قومه وأن يعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم ﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ تمييز أي وضاق بمكانهم صدره ﴿وَقَالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ شديد


الصفحة التالية
Icon