في اختلاف لونيهما ﴿وَمَا خَلَقَ الله فِى السماوات والأرض﴾ من الخلائق ﴿لآيات لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ﴾ خصهم بالذكر لأنهم يحذرون الآخرة فيدعوهم الحذر إلى النظر
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧)
﴿إَنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا﴾ لا يتوقعونه أصلاً ولا يخطرونه ببالهم لغفلتهم عن التفطن للحقائق أو لا يؤملون حسن لقائنا كما يؤمله السعداء أو لا يخافون سوء لقائنا الذي يجب أن يخاف ﴿وَرَضُواْ بالحياة الدنيا﴾ من الآخرة وآثروا القليل الفاني على الكثير الباقي ﴿واطمأنوا بِهَا﴾ وسكنوا فيها سكون من لا يزعد عنها فبنوا شديداً وأملوا بعيداً ﴿والذين هُمْ عن آياتنا غافلون﴾ لا يتفكرون فيها ولا وقف عليه لأن خبر إن
أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)
﴿أولئك مأواهم النار﴾ فأولئك مبتدأ وماؤهم مبتدأ ثان والنار خبره والجملة خبر أولئك والباء في ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾ يتعلق بمحذوف دل عليه الكلام وهو جوزوا
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٩)
﴿إن الذين آمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾ يسددهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق السديد المؤدي إلى الثواب ولذا جعل ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار﴾ بياناً له وتفسيراً إذ التمسك بسبب السعادة كالوصول إليها أو يهديهم في الآخرة بنور إيمانهم إلى طريق الجنة ومنه الحديث إن المؤمن إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة حسنة فيقول له أنا عملك فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة والكافر إذا خرج من قبره صور له عمله في صورة سيئة فيقول له أنا عملك فينطلق به حتى يدخله النار وهذا دليل على أن الإيمان المجرد منج حيث قال بإيمانهم ولم يضم إليه العمل الصالح ﴿في جنات النعيم﴾ متعلق بتجرى أو حال من الأنهار