حقهما أن تعطفا بحرف الجمع على ما قبلها ما قبلها كما تعطف قصة على قصة ﴿فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جاثمين﴾ الجاثم اللازم لمكانه لا يريم يعني أن جبريل صاح بهم صيحة فزهق روح كل واحد منهم بحيث هو بغتة
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)
﴿كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا﴾ كأن لم يقيموا في ديارهم أحياء متصرفين مترددين ﴿أَلاَ بُعْدًا لّمَدْيَنَ﴾ البعد بمعنى البعد وهو الهلاك كالرشد بمعنى الرشد ألا ترى إلى قوله ﴿كَمَا بعدت ثمود﴾ وقرئ كما بعُدت والمعنى في البناءين واحد وهو نقيض القرب إلا أنهم فرقوا بين البعد من جهة الهلاك وبين غيره فغيروا البناء كما فرقوا بين ضماني الخير والشر فقالوا وعد وأوعد
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٩٦)
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا وسلطان مُّبِينٍ﴾ المراد به العصا لأنها أبهرها
إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)
﴿إلى فرعون وملئه فاتبعوا﴾ أي الملأ ﴿أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ﴾ هو تجهيل لمتبعيه حيث تابعوه إلى أمره وهو ضلال مبين وذلك أنه ادعى الألوهية وهو بشر مثلهم وجاهز بالظلم والشر الذي لا يأتي إلا من شيطان ومثله بمعزل عن الألوهية وفيه أنهم عاينوا الآيات والسلطان المبين وعلموا أن مع موسى الرشد والحق ثم عدلوا عن اتباعه إلى اتباع من ليس في أمره رشد قط أو المراد وما أمره بصالح حميد العاقبة ويكون قوله
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨)
﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة﴾
أي يتقدمهم وهم على عقبه تفسيراً له وإيضاحاً أي كيف يرشد أمر من هذه عاقبته والرشد يستعمل في كل ما يحمد ويرتضى كما استعمل الغي في كل ما يذم ويقال قدَمه بمعنى تقدمه ﴿فَأَوْرَدَهُمُ النار﴾ ادخلهم وجئ بلفظ الماضي لأن الماضي يدل على أمر موجود مقطوع به فكأنه قيل يقدمهم فيوردهم النار لا محالة يعني كما


الصفحة التالية
Icon