الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا ﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الفساد فِى الأرض﴾ عجب محمد ﷺ وأمته أن لم يكن في الأمم التي ذكر الله إهلاكهم في هذه السورة جماعة من أولىِ العقل والدين ينهون غيرهم عن الكفر والمعاصي ﴿إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ﴾ استثناء منقطع أي ولكن قليلاً ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وسائرهم تاركون لللنهى ومن في ممن أنجينا للبيان لا للتبعيض لأن النجاة للناهين وحدهم بدليل قوله أَنجَيْنَا الذين ينهون عن السوء واخذنا الذين ظلموا ﴿واتبع الذين ظَلَمُواْ﴾ أي التاركون للنهي عن المنكر وهو عطف على ممضمر أى إلا قليلاً ممن أنجينا منهم نهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا شهواتهم فهوعطف على نهو ﴿مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ﴾ أي أتبعوا ما عرفوا فيه التنعم والترفه
هود (١١٦ _ ١٢٣)
من حب الرياسة والثروة وطلب أسباب العيش الهنيء ورفضوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونبذوه وراء ظهورهم ﴿وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ﴾ اعتراض وحكم عليهم بأنهم قوم مجرمون
وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (١١٧)
﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القرى﴾ اللام لتأكيد النفي ﴿بِظُلْمٍ﴾ حال من الفاعل أي لا يصح أن يهلك الله القرى ظالماً لها ﴿وَأَهْلُهَا﴾ قوم ﴿مُصْلِحُونَ﴾ تنزيهًا لذاته عن الظلم وقيل الظلم الشرك أي لا يهلك القرى بسبب شرك أهلها وهم مصلحون في المعاملات فيما بينهم لا يضمون إلى شركهم فساد آخر
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨)
﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ أي متفقين على الإيمان والطاعات عن اختيار ولكن لم يشأ ذلك وقالت المعتزلة هى مشيئة قسر وذلك رافع للابتلاء فلا يجوز ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ في الكفر والإيمان أي ولكن شاء أن يكونوا مختلفين لما علم منهم اختيار ذلك


الصفحة التالية
Icon