أي جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يتسهل كما جعلناه أمياً لا يهتدي إلى الخط لتكون الحجة أثبت والشبهة أدحض وأما قوله... أنا النبي لا كذب... أنا ابن عبد المطلب... وقوله... هل أنت إلا أصبع دميت... وفي سبيل الله مالقيت...
فما هو إلا من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة فيه ولا تكلف إلا أنه اتفق من غير قصد إلى ذلك ولا التفات منه أن جاء موزوناً كما يتفق في خطب الناس ورسائلهم ومحاوراتهم أشياء موزونة ولا يسميها أحد شعراً لأن صاحبه لم يقصد الوزن ولا بد منه على أنه عليه السلام قال لقيت بالسكون وفتح الباء في كذب وخفض الباء في المطلب ولما نفى أن يكون القرآن من جنس الشعر قال ﴿إن هو﴾ أي المعلم ﴿إلا ذكر وقرآن مُّبِيْنٌ﴾ أي ما هو إلا ذكر من الله يوعظ به الإنس والجن وما هو إلا قرآن كتاب سماوي يقرأ في المحاريب ويتلى في المتعبدات وينال بتلاوته والعمل به فوز الدارين فكم بينه وبين الشعر الذي هو من همزات الشياطين
لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (٧٠)
﴿لِّيُنذِرَ﴾ القرآن أو الرسول لّتُنذِرَ مدني وشامي وسهل ويعقوب ﴿مَن كَانَ حَيّاً﴾ عاقلاً متأملاً لأن الغافل كالميت أو حياً بالقلب ﴿وَيَحِقَّ القول﴾ وتجب كلمة العذاب ﴿عَلَى الكافرين﴾ الذين لا يتأملون وهم في حكم الأموات
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (٧١)
﴿أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أنعاما﴾ أي مما تولينا نحن احداثه ولم يقدر على توليه غيرنا
يس (٧٦ - ٧٢)
﴿فَهُمْ لَهَا مالكون﴾ أي خلقناها لأجلهم فملكناها إياهم فهم متصرفون فيها تصرف الملاك مختصون بالانتفاع بها أو فهم لها ضابطون قاهرون