ألا أبهذا الزاجري أحضر الوغى وفيه تعسف يجب صون القرآن عن مثله فإن كل واحد من الحرفين غير مردود على انفراده ولكن اجتماعهما منكر والفرق بين سمعت فلانا يتحدث وسمعت إليه يتحدث وسمعت حديثه وإلى حديثه أن المعدى بنفسه يفيد الإدراك والمعدى بالى يفيد الإصغاء مع الإدراك ﴿إلى الملإ الأعلى﴾ أى الملائكة لأنهم يسكنون السموات والإنس والجن هم الملأ الأسفل لأنهم سكان الأرض ﴿وَيُقْذَفُونَ﴾ يرمون بالشهب ﴿مِن كُلِّ جَانِبٍ﴾ من جميع جوانب السماء من أي جهة صعدوا للإسترقاق
دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (٩)
﴿دحورا﴾ مفعول له أى يقذفون للدحور وهو الطرد أو مدحورين على الحال أو لأن القذف والطرد متقاربان في المعنى فكأنه قيل يدحرون أو قذفاً ﴿وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ﴾ دائم من الوصوب أي أنهم في الدنيا مرجومون بالشهب وقد أعد لهم في الآخرة نوع من العذاب دائم غير منقطع
إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (١٠)
ومن في ﴿إِلاَّ مَنْ﴾ في محل الرفع بدل الواو في لا يسمعون أي لا يسمع الشياطين إلا الشيطان الذي ﴿خَطِفَ الخطفة﴾ أي سلب السلبة يعني أخذ شيئاً من كلامهم بسرعة ﴿فَأَتْبَعَهُ﴾ لحقه ﴿شِهَابٌ﴾ أي نجم رجم ﴿ثاقب﴾ مضىء
فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (١١)
﴿فاستفتهم﴾ فاستخبر كفار مكة ﴿أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً﴾ أي أقوى خلقاً من قولهم شديد الخلق وفي خلقه شدة أو أصعب خلقاً وأشقه على معنى الرد
الصافات (٢١ - ١١)
لإنكارهم البعث وأن من هان عليه خلق هذه الخلائق العظيمة ولم يصعب عليه اختراعها كان خلق البشر عليه أهون ﴿أَم مَّنْ خلقنا﴾ يريد ماذكر من خلائقه من الملائكة والسموات والأرض وما بينهما وجىء بمن تغليباً