إذا أراد سيرها إلى حيث يريد ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ في معنى مسبحات على الحال واختار يُسَبّحْنَ على مسبحات ليدل على حدوث التسبيح من الجبال شيئاً بعد شيء وحالاً بعد حال ﴿بالعشى والإشراق﴾ أي فى طرفي النهار والعشي وقت العصر إلى الليل والإشراق وقت الإشراق وهو حين تشرق الشمس أي تضيء وهو وقت الضحى وأما شروقها فطلوعها تقول شرقت الشمس ولمَّا تُشْرِق وعن ابن عباس رضى الله عنهما ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية
وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩)
﴿والطير مَحْشُورَةً﴾ وسخرنا الطير مجموعة من كل ناحية وعن ابن عباس رضى الله عنهما كان إذا سبح جاوبته الجبال بالتسبيح واجتمعت إليه الطير فسبحت فذلك حشرها ﴿كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ﴾ كل واحد من الجبال والطير لأجل داود أي لأجل تسبيحه مسبح لأنها كانت تسبح لتسبيحه ووضع الأواب موضع المسبح لأن الأواب وهو التواب الكثير الرجوع إلى الله وطلب مرضاته من عادته أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه وتقديسه وقيل الضمير لله أي كل من داود والجبال والطير لله أواب أي مسبح مرجّع للتسبيح
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)
﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ قويناه قيل كان يبيت حول محرابه ثلاثة وثلاثون ألف رجل يحرسونه ﴿وآتيناه الحكمة﴾ الزبور وعلم الشرائع وقيل كل كلام وافق الحق فهو حكمة ﴿وَفَصْلَ الخطاب﴾ علم القضاء وقطع الخصام والفصل بين الحق والباطل والفصل هوالتمييز بين الشيئين وقيل للكلام البين فصل بمعنى المفصول كضرب الأمير وفصل الخطاب البين من الكلام الملخص الذي يتبينه من يخاطب به لا يلتبس عليه وجاز أن يكون الفصل بمعنى الفاصل كالصوم والزور والمراد بفصل الخطاب الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد والحق والباطل وهو كلامه في القضايا والحكومات وتدابير الملك والمشورات وعن على رضى الله