عنه هو الحكم بالبينة على المدعي واليمين على المدعي عليه وهو من الفصل بين الحق والباطل وعن الشعبي هو قوله أما بعد وهو أول من قال أما بعد فإن من تكلم في الأمر الذي له شأن يفتتح بذكر الله وتحميده فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق له فصل بينه وبين ذكر الله بقوله أما بعد
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١)
﴿وهل أتاك نبأ الخصم﴾ ظاهره الاستفهام ومعناه الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة والخصم الخصماء وهو يقع على الواحد والجمع لأنه مصدر في الأصل تقول خصمه خصماً وانتصاب ﴿إِذْ﴾ بمحذوف تقديره وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم أو بالخصم لما فيه من معنى الفعل ﴿تَسَوَّرُواْ المحراب﴾ تصعدوا سوره ونزلوا إليه والسور الحائط المرتفع والمحراب الغرفة أو المسجد أو صدر المسجد
إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (٢٢)
﴿إِذْ﴾ بدل من الأولى ﴿دَخَلُواْ على دَاوُدَ ففزع منهم﴾ روى أن الله
ص (٢٣ - ٢٢)
تعالى بعث إليه ملكين في صورة إنسانين فطلبا أن يدخلا عليه فوجداه في يوم عبادته فمنعهما الحرس فتسورا عليه المحراب فلم يشعر إلا وهما بين يديه جالسان ففزع منهم لأنهم دخلوا عليه المحراب في غير يوم القضاء ولأنهم نزلوا عليه من فوق وفي يوم الاحتجاب والحرس حوله لا يتركون من يدخل عليه ﴿قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ﴾ خبر مبتدأ محذوف أي نحن خصمان ﴿بغى بَعْضُنَا على بَعْضٍ﴾ تعدى وظلم ﴿فاحكم بَيْنَنَا بالحق وَلاَ تُشْطِطْ﴾ ولا تجر من الشطط وهو مجاوزة الحد وتخطى الحق ﴿واهدنا إلى سواء الصراط﴾ وارشدنا الا وسط الطريق ومحجته والمراد عين الحق ومحضه رُوي أن أهل زمان داود عليه السلام كان يسأل بعضهم بعضاً أن ينزل له عن امرأته فيتزوجها إذا أعجبته وكان لهم عادة في المواساة بذلك وكان الأنصار يواسون المهاجرين بمثل ذلك فاتفق أن داود عليه السلام وقعت عينه على امرأة