والمعنى أن كل واحد منهما يغيّب الآخر إذا طرأ عليه فشبه في تغييبه إياه بشيء ظاهر لف عليه ما غيبه عن مطامح الأبصار وأن هذا يكر على هذا كروراً متتابعاً فشبه ذلك بتتابع أكوار العمامة بعضها على أثر بعض ﴿وَسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مسمى﴾
أي يوم القيامة ﴿إِلاَّ هُوَ العزيز﴾ الغالب القادر على عقاب من لم يعتبر بتسخير الشمس والقمر فلم يؤمن بمسخرهما ﴿الغفار﴾ لمن فكر واعتبر فآمن بمدبرهما
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦)
﴿خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ واحدة﴾ أي آدم عليه السلام ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ أي حواء من قُصَيراه قيل أخرج ذرية آدم من ظهره كالذر ثم خلق بعد ذلك حواء ﴿وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام﴾ أي جعل عن الحسن أو خلقها في الجنة مع آدم عليه السلام ثم أنزلها أو لأنها لا تعيش إلا بالنبات والنبات لا يقوم إلا بالماء وقد أنزل الماء فكأنه أنزلها ﴿ثمانية أزواج﴾ ذكر وأنثى من الإبل والبقر والضأن والمعز كما بين في سورة الأنعام والزوج اسم لواحد معه آخر فإذا انفرد فهو فرد ووتر ﴿يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أمهاتكم خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ﴾ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم إلى تمام الخلق ﴿فِى ظلمات ثلاث﴾ ظلمة البطن والرحم والمشيمة أو ظلمة الصلب والبطن والرحم ﴿ذلكم﴾ الذي هذه مفعولاته هو ﴿الله رَبُّكُمْ لَهُ الملك لا إله إِلاَّ هُوَ فأنى تصرفون﴾ فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره ثم بين أنه غني عنهم بقوله
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٧)
﴿إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنكُمْ﴾ عن إيمانكم وأنتم محتاجون إليه


الصفحة التالية
Icon