قوله نِعْمَةً مّنَّا شيئاً من النعمة وقسماً منها وقيل ما في إنما موصولة لا كافة فيرجع الضمير إليها أي إن الذي أوتيته على علم ﴿بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ﴾ إنكار له كأنه قال ما خولناك من النعمة لما تقول بل هي فتنة أي ابتلاء وامتحان لك أتشكر أم تكفر ولما كان الخبر مؤنثاً أعني فتنة ساغ تأنيث المبتدأ لأجله وقريء بل هو فتنة على وفق إِنَّمَا أُوتِيتُهُ ﴿ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أنها فتنة والسبب في عطف هذه الآية بالفاء وعطف مثلها في أول السورة بالواو أن هذه وقعت مسببة عن قوله وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت على معنى أنهم يشمئزون من ذكر الله ويستبشرون بذكر الآلهة فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز بذكره دون من استبشر بذكره وما بينهما من الآي اعتراض فإن قلت حق الاعتراض أن يؤكد المعترض بينه وبينه قلت ما في الاعتراض من دعاء الرسول ﷺ ربه بأمر من الله وقوله أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ثم ما عقبه من الوعيد العظيم تأكيد لإنكار اشمئزازهم واستبشارهم ورجوعهم إلى الله في الشدائد دون آلهتهم كأنه قيل قل يا رب لا يحكم بيني وبين هؤلاء الذين يجترؤون عليك مثل هذه الجراءة إلا أنت
الزمر (٥٤ - ٥٠)
وقوله ولو أن للذين ظلموا متناول لهم ولكل ظالم إن جعل عاماً أو إياهم خاصة إن عنينهم به كأنه قيل ولو أن لهؤلاء الظالمين مَّا فِي الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ به حكم عليهم بسوء العذاب وأما الآية الأولى فلم تقع مسببة وما هي إلا جملة ناسبت جملة قبلها فعطفت عليها بالواو ونحو قام زيد وقعد عمرو وبيان وقوعها مسببة أنك تقول زيد يؤمن بالله فإذا مسه ضر التجأ إليه فهذا تسبيب ظاهر ثم تقول زيد كافر بالله فإذا مسه ضر التجأ إليه فتجيء بالفاء مجيئك بها ثمة كأن الكافر حين التجأ إلى الله التجاء المؤمن إليه مقيم كفره مقام الإيمان في جعله سبباً في الالتجاء
قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٥٠)
﴿قَدْ قَالَهَا﴾ هذه المقالة وهي قوله إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ ﴿الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي قارون وقومه حيث قال إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على علم عندى وقومه راضون بها فكأنهم قالوها ويجوز أن يكون في الأمم الخالية


الصفحة التالية
Icon