والإنكار لها وقد دل على ذلك في قوله وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق فاما الجدال فيها لا يضاح ملتبسها وحل مشكلها واستنباط معانيها ورد أهل الزيغ بها فأعظم جهاد في سبيل الله ﴿فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى البلاد﴾ بالتجارات النافقة والمكاسب المربحة سالمين غانمين فإن عاقبة أمرهم إلى العذاب ثم بين كيف ذلك فأعلم أن الأمم الذين كذبت قبلهم أهلكت فقال
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥)
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ﴾ نوحاً ﴿والأحزاب﴾ أي الذين تحزبوا على الرسل وناصبوهم وهم عادو ثمود وقوم لوط وغيرهم ﴿مِّن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد قوم نوح ﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ﴾ من هذه الأمم التي هي قوم نوح والأحزاب ﴿بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾ ليتمكنوا منه فيقتلوه والأخيذ الأسير ﴿وجادلوا بالباطل﴾ بالكفر ﴿لِيُدْحِضُواْ بِهِ الحق﴾ ليبطلوا به الإيمان ﴿فَأَخَذَتْهُمْ﴾ مظهر مكي وحفص يعني أنهم قصدوا أخذه فجعلت جزاءهم على إرادة أخذ الرسل أن أخذتهم فعاقبتهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ وبالياء يعقوب أي فإنكم تمرون على بلادهم
غافر (٧ - ٦)
فتعاينون أثر ذلك وهذا تقرير فيه معنى التعجيب
وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)
﴿وكذلك حقت كلمة رَبِّكَ عَلَى الذين كَفَرُواْ﴾ كلمات رَبكَ مدني وشامي ﴿أَنَّهُمْ أصحاب النار﴾ في محل الرفع بدل من كلمة ربك أي مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار ومعناه كما وجب إهلاكهم في الدنيا بالعذاب المستأصل كذلك وجب إهلاكهم بعذاب النار في الآخرة أو في محل النصب بحذف لام التعليل وايصال الفعل والذين كَفَرُواْ قريش ومعناه كما وجب إهلاك أولئك الأمم كذلك وجب إهلاك


الصفحة التالية
Icon