جامع العلوم وغيره إذ منصوب بفعل مضمر دل عليه لَمَقْتُ الله أي بمقتهم الله حين دعوا إلى الإيمان فكفروا ولا ينتصب بالمقت الأول لأن قوله لَمَقْتُ الله مبتدا وهو مصدرو خبره أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ فلا يعمل في إِذْ تَدْعُونَ لأن المصدر إذا أخبر عنه لم يجز أن يتعلق به شيء يكون في صلته لأن الإخبار عنه يؤذن بتمامه وما يتعلق به يؤذن بنقصانه ولا بالثاني لاختلاف الزمانين وهذا لأنهم مقتوا أنفسهم في النار وقد دعوا إلى الإيمان في الدنيا ﴿فَتَكْفُرُونَ﴾ فتصرون على الكفر
قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١)
﴿قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين﴾ أي إماتتين وإحياءتين أو موتتين وحياتين وأراد بالإماتتين خلقهم أمواتاً أولاً وإماتتهم عند انقضاء آجالهم وصح أن يسمى خلقهم أمواتاً إماتة كما صح أن يقال سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر جسم الغيل وليس ثمة نقل من كبر إلى صغر ولا من صغر إلى كبر والسبب فيه أن الصغر والكبر جائزان على المصنوع الواحد فإذا اختار الصانع أحد الجائزين فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر فجعل صرفه عنه كنقله منه وبالاحياءتين الاحياة الأولى في الدنيا والإحياءة الثانية البعث ويدل عليه قوله وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثم يحييكم
غافر (١٦ - ١١)
وقيل الموتة الأولى في الدنيا والثانية في القبر بعد الإحياء للسؤال والإحياء الأول إحياؤه في القبر بعد موته للسؤال والثاني للبعث ﴿فاعترفنا بذنوبنا﴾ لما راوا الاماتة والاحياء تكررا عليهم علموا أن الله قادر على الإعادة كما هو قادر على الإنشاء فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم ﴿فَهَلْ إلى خُرُوجٍ﴾ من النار أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطيء لنتخلص ﴿مِّن سَبِيلٍ﴾ قط أم اليأس واقع دون ذلك فلا خروج ولا سبيل إليه وهذا كلام من غلب عليه اليأس وإنما يقولون ذلك تحيراً ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك وهو قوله


الصفحة التالية
Icon