ومعنى امر السماء والارض بالاتيان وامتثالهما اليه اراد ان يكونهما فلم يمتنعا عليه ووجدنا كما أرادهما وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع إذا ورد عليه فعل الآمر المطاع وإنما ذكر الأرض مع السماء في الأمر بالإتيان والأرض مخلوقة قبل السماء بيومين لأنه قد خلق جرم الأرض أولاً غير مدحوة ثم دحاها بعد خلق السماء كما قال والأرض بعد ذلك دحاها فالمعنى ان ائتيا على ما ينبغى عليه ان تأتيا من الشكل والوصف ائتى يا ارض مدحو قرار اومهادا لأهلك وائتي يا سماء مقبية سقفاً لهم ومعنى الإتيان الحصول والوقوع كما تقول أتى عمله مرضياً وقوله طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لبيان تأثير قدرته فيهما وأن امتناعهما من تأثير قدرته محال كما تقول لمن تحت يدك لتفعلن هذا شئت أو أبيت ولتفعلنه طوعاً او كرها ونتصابها على الحال بمعنى طائعتين أو مكرهتين وإنما لم يقل طائعتين على اللفظ أو طائعات على المعنى لأنهما سموات وأرضون لأنهن لما جعلن مخاطبات ومجيبات ووصفن بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات كقوله ساجدين
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)
﴿فقضاهن﴾ فاحكم خلقهن قال
وعليهما مسوردتان قضاهما والضمير يرجع إلى السماء لأن السماء للجنس ويجوز أن يكون ضميراً مبهماً مفسراً بقوله ﴿سبع سماوات﴾ والفرق بين النصيين في سبع سموات ان لاول على الحال والثاني على التمييز ﴿فِى يَوْمَيْنِ﴾ في يوم الخميس والجمعة ﴿وأوحى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا﴾ ما أمر به فيها ودبره
فصلت (١٥ - ١٢)
من خلق الملائكة والنيران وغير ذلك ﴿وَزَيَّنَّآ السمآء الدنيا﴾ القريبة من الأرض ﴿بمصابيح﴾ بكواكب ﴿وَحِفْظاً﴾ وحفظناها من المسترقة بالكواكب حفظاً ﴿ذلك تَقْدِيرُ العزيز﴾ الغالب غير المغلوب ﴿العليم﴾ بمواقع الامور