وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧)
﴿والذين يَجْتَنِبُونَ﴾ عطف على الذين آمَنُواْ وكذا ما بعده ﴿كبائر الإثم﴾ أي الكبائر من هذا الجنس كَبِيرَ الإثم علي وحمزة وعن ابن عباس كبير
الشورى (٤٢ - ٣٧)
﴿يغفرون﴾
الإثم هو الشرك ﴿والفواحش﴾ قيل ما عظم قبحه فهو فاحشة كالزنا ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُواْ﴾ من أمور دنياهم ﴿هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ أي هم الأخصاء بالغفران في حال الغضب والمجيء بهم وايقاعه مبتدأ واسناد يغفرون اليه لهذه الفائد ومثله هُمْ يَنتَصِرُونَ
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨)
﴿والذين استجابوا لِرَبِّهِمْ﴾ نزلت في الأنصار دعاهم الله عز وجل للإيمان به وطاعته فاستجابوا له بأن آمنوا به واطاعوه ﴿وأقاموا الصلاة﴾ وأتموا الصلوات الخمس ﴿وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنَهُمْ﴾ أي ذو شورى لا يتفردون برأي حتى يجتمعوا عليه وعن الحسن ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم والشورى مصدر كالفتيا بمعنى التشاور ﴿وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ﴾ يتصدقون
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)
﴿والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغى﴾ الظلم ﴿هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾ ينتقمون ممن ظلمهم أي يقتصرون في الانتصار على ما جعله الله تعالى لهم ولا يعتدون وكانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجتريء عليهم الفساق وإنما حمدوا على الانتصار لأن من انتصر وأخذ حقه ولم يجاوز في ذلك حلى الله فلم يسرف في القتل إن كان ولي دم فهو مطيع لله وكل مطيع محمود ثم بين حد الانتصار فقال
وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠)
﴿وجزاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ فالأولى سيئة حقيقة والثانية لا وانما سميت سيئة لأنها مجازاة السوء أو لأنها تسوء من تنزل به ولأنه لو لم تكن الأولى لكانت الثانية سيئة لأنها إضرار وإنما صارت حسنة لغيرها او تسمية الثانية سيئة إشارة إلى أن العفو مندوب إليه والمعنى أنه يجب إذا قوبلت الإساءة أن تقابل بمثلها من غير زيادة ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ﴾ بينه وبين خصمه بالعفو والإغضاء ﴿فَأَجْرُهُ عَلَى الله﴾ عدة مبهمة لا يقاس