﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً﴾ وبفتح الكافين حجازي وأبو عمرو وهما لغتان في معنى المشقة وانتصابه على الحال أي ذات كره أو على أنه صفة للمصدر أي حملاً ذاكره ﴿وَحَمْلُهُ وفصاله﴾ ومدة حمله وفطامه ﴿ثَلاَثُونَ شَهْراً﴾ وفيه دليل على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع إذا كانت حولين لقوله تعالى حولين كاملين بقيت للحمل ستة أشهر وبه قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله وقال أبو حنيفة رضى الله عنه المراد به الحمل بالأكف وَفِصْلُهُ يعقوب والفصل والفصال كالعظم والعظام بناء ومعنى ﴿حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ هو جمع لا واحد له من لفظه وكان سيبويه يقول واحده شدة وبلوغ الأشد أن يكتهل ويستوفى السن التى فيها قوته وعقله وذلك إذا أناف على الثلاثين وناطح الأربعين وعن قتادة ثلاث وثلاثون سنة ووجهه أن يكون ذلك أول الأشد وغايته الأربعون ﴿وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى﴾ ألهمني ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وعلى وَالِدَىَّ﴾ المراد به نعمة التوحيد والإسلام وجمع بين شكري النعمة عليه وعلى والديه لأن النعمة عليهما نعمة عليه ﴿وَأَنْ أعمل صالحا ترضاه﴾
﴿وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين﴾
قيل هي الصلوات الخمس ﴿وَأَصْلِحْ لِى فِى ذُرّيَّتِى﴾ أي اجعل ذريتي موقعاً للصلاح ومظنة له ﴿إِنِّى تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ من كل ذنب ﴿وَإِنِّى مِنَ المسلمين﴾ من المخلصين
أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)
﴿أُوْلَئِكَ الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَنَتَجَاوَزُ عَن سيئاتهم﴾ حمزة وعلي وحفص يُتَقَبَّل ويُتَجاوز أَحْسَنُ غيرهم ﴿فِى أصحاب الجنة﴾ هو كقولك أكرمني الأمير في ناس من أصحابه تريد أكرمني في جملة من أكرم منهم ونظمني في عدادهم ومحله النصب على الحال على معنى كائنين في أصحاب الجنة ومعدودين فيهم ﴿وَعْدَ الصدق﴾ مصدر مؤكد لأن قوله يُتَقَبَّل ويتجاوز وعد من الله لهم بالتقبل والتجاوز


الصفحة التالية
Icon