شماس وكان في اذنه وقر وكان جهوري الصوت وكان إذا كلم رفع صوته وربما كان يكلم النبى ﷺ فيتأذى بصوته وكاف التشبيه في محل النصب أي لا تجهروا له جهراً مثل جهر بعضكم لبعض وفي هذا أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقاً حتى لا يسوغ لهم أن يكلموه بالمخافتة وإنما نهوا عن جهر مخصوص أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها ﴿أَن تَحْبَطَ أعمالكم﴾ منصوب الموضع على أنه المفعول له متعلق بمعنى النهي والمعنى انتهوا عما نهيتم عنه لحبوط أعمالكم أى لخشية حبوطها
﴿وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ﴾ ﴿إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أصواتهم عند رسول الله﴾
على تقدير حذف المضاف ﴿وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ﴾
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)
﴿إِنَّ الذين يَغُضُّونَ أصواتهم عِندَ رَسُولِ الله﴾ ثم اسم إن عند قوله رَسُولِ الله والمعنى يخفضون أصواتهم في مجلسه تعظيماً له ﴿أولئك﴾ مبتدأ خبره ﴿الذين امتحن الله قُلُوبَهُمْ للتقوى﴾ وتم صلة الذين عند قوله للتقوى وأولئك مع خبره خبران والمعنى أخلصها للتقوى من قولهم امتحن الذهب وفتنة إذا أذابه فخلص ابريزه من خبثه ونقاه وحقيقته عاملها معاملة المختبر فوجدها مخلصة وعن عمر رضى الله عنه أذهب الشهوات عنها والامتحان افتعال من محنه وهو اختبار بليغ أو بلاء جهيد ﴿لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ جملة أخرى قيل نزلت في الشيخين رضى الله عنهما لما كان منهما من غض الصوت وهذه الآية بنظمها الذى وتبت عليه من إيقاع الغاضين اصواتهم اسما لان المؤكدة وتصيير خبرها جملة من مبتدأ وخبر معرفتين معا والمبتدا امس الإشارة واستئناف الجملة المستودعة ما هو جزاؤهم على عملهم وإيراد الجزاء نكرة مبهماً أمره دالة على غاية الاعتداد والارتضاء بفعل الخافضين أصواتهم وفيها تعريض لعظيم ما ارتكب الرافعون اصواتهم


الصفحة التالية
Icon