المسخور منه ربما كان عند الله خيراً من الساخر إذ لا اطلاع للناس إلا على الظواهر ولا علم لهم بالسرائر والذي يزن عند الله خلوص الضمائر فينبغي أن لا يجتريء احد على الاستهزاء بمن تقتحمه عينه اذ رآه رث الحال أو ذا عاهة في بدنه أو غير لبيق في محادثته فلعله أخلص ضميراً وأتقى قلباً ممن هو على ضد صفته فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله تعالى وعن ابن مسعود رضى الله عنه البلاء موكل بالقول لو سخرت من كلت لخشيت أن أحول كلباً ﴿وَلاَ تَلْمِزُوآ أَنفُسَكُمْ﴾ ولا تطعنوا أهل دينكم واللمز الطعن والضرب باللسان وَلاَ تَلْمُزُواْ يعقوب وسهل والمؤمنون كنفس واحدة فإذا عاب المؤمن المؤمن فكأنما عاب نفسه وقيل معناه لا تفعلوا ما تلمزون به لأن من فعل ما استحق به اللمز فقد لمز نفسه حقيقة ﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب﴾ التنابز بالألقاب التداعي بها والنبز لقب السوء والتقليب المنهي عنه هو ما يتداخل المدعو به كراهة لكونه تقصيراً به وذماً له فأما ما يحبه فلا بأس به ورُوي أن قوماً من بني تميم استهزءوا ببلال وخباب وعمار وصهيب فنزلت وعن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تسخر من زينب بنت خزيمة وكانت قصيرة وعن انس رضى الله عنه عيرت نساء النبى ﷺ ام سلمة
﴿بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾
بالقصر ورُوي أنها نزلت في ثابت بن قيس وكان به وقر فكانوا يوسعون له في مجلس رسول الله ﷺ ليسمع فأتى يوماً وهو يقول تفسحوا حتى انتهى الى رسول الله ﷺ فقال لرجل تنح فلم يفعل فقال من هذا فقال الرجل أنا فلان فقال بل أنت ابن فلانة يريد أماً كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل فنزلت فقال ثابت لا أفخر على أحد في الحسب بعدها أبداً ﴿بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان﴾ الاسم ههنا بمعنى الذكر من قولهم طار اسمه في الناس بالكرام أو باللؤم وحقيقته ما سما من ذكره