تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على افحش وجه وفيه مبالغات منها الاستفهام الذي معناه التقرير ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة وصولا بالمحبة ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحداً من الأحدين لا يحب ذلك ومنها أن لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتى جعل الإنسان أخاً ومنها ان لم يقتصر عل لحم الأخ حتى جعل ميتاً وعن قتادة كما تكره إن وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها كذلك فاكره لحم أخيك وهو حي وانتصب مَيْتًا على الحال من اللحم
﴿فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم﴾
أو من أخيه ولما قررهم بأن أحداً منهم لا يحب أكل جيفة أخيه عقب ذلك بقوله ﴿فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ أي فتحققت كراهتكم له باستقامة العقل فليتحقق أن تكرهوا ما هو نظيره من الغيبة باستقامة الذين ﴿واتقوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ التواب البليغ في قبول التوبة والمعنى واتقوا الله بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما وجد منكم منه فإنكم إن اتقيتم تقبل الله توبتكم وأنعم عليكم بثواب المتقين التائبين ورُوي أن سلمان كان يخدم رجلين من الصحابة ويسوي لهما طعامهما فنام عن شأنه يوما فبعثاه الى رسول الله ﷺ يبغي لهما إداماً وكان أسامة على طعام رسول الله ﷺ فقال ما عندي شيء فأخبرهما سلمان فقالا لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها فلما جاء الى رسول الله ﷺ فقال لهما مالي أرى خضرة اللحم في أفواهكما فقالا ما تناولنا لحماً قال إنكما قد اغتبتما ومن اغتاب مسلماً فقد أكل لحمه ثم قرأ الآية وقيل غيبة الخلق إنما تكون من الغيبة عن الحق
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)
﴿يا أيها الناس إِنَّا خلقناكم مِّن ذَكَرٍ وأنثى﴾ من آدم وحواء أو كل واحد منكم من أب وأم فما منكم من أحد إلا وهو يدلي بمثل ما يدلي به الآخر سواء بسواء فلا معنى للتفاخر والتفاضل في النسب ﴿وجعلناكم شُعُوباً وَقَبَآئِلَ﴾ الشعب الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب وهي الشعب