يا محمد ﴿لَّمْ تُؤْمِنُواْ﴾ لم تصدقوا بقلوبكم ﴿ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا﴾ فالإيمان هو التصديق والإسلام الدخول في السلم والخروج من أن يكون حرباً للمؤمنين بإظهار الشهادتين ألا ترى إلى قوله ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قُلُوبِكُمْ﴾ فاعلم أن ما يكون من الإقرار باللسان من غير مواطأة القلب فهو إسلام وما واطأ فيه القلب اللسان فهو إيمان وهذا من حيث اللغة وأما في الشرع فالإيمان والإسلام واحد لما عرف وفي لَّمّاً معنى التوقع وهو دال على أن بعض هؤلاء قد آمنوا فيما بعد والآية تنقض على الكرامية مذهبهم أن الإيمان لا يكون بالقلب ولكنَّ باللسان فإن قلت مقتضى نظم الكلام ان قال قل لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أسلمنا أو قل لم تؤمنوا ولكن أسلمتم قلت أفاد هذا النظم تكذيب دعواهم أولاً فقيل قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ مع أدب حسن فلم يقل كذبتم تصريحاً ووضع لَّمْ تُؤْمِنُواْ الذي هو نفي ما ادعوا إثباته موضعه واستغنى بقوله لَّمْ تُؤْمِنُواْ عن أن يقال لا تقولوا آمنا لاستهجان أن يخاطبوا بلفظ مؤداه النهي عن القول بالإيمان ولم يقل ولكن أسلمتم ليكون خارجاً مخرج الزعم والدعوى كما كان قولهم آمنا كذلك ولو قيل ولكن أسلمتم لكان كالتسليم والاعتداد بقولهم وهو غير معتد به وليس قوله وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان في قلوبكم تكرير المعنى قول لَّمْ تُؤْمِنُواْ فإن فائدة قوله لَّمْ تُؤْمِنُواْ تكذيب لدعواهم وقوله وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِى قلوبكم توقيت لما امروا به ان يقولوه كانه قيل لهم ولكن قولوا أسلمنا حين لم نثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم لأنه كلام واقع موقع الحال من الضمير في قُولُواْ ﴿وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ﴾ في السر بترك النفاق ﴿لاَ يَلِتْكُمْ﴾ لا يألتكم بصري ﴿مِّنْ أعمالكم شَيْئاً﴾ اى لا ينقصكم من ثواب حسناتم شيئاً ألت يألت وألات يليت ولات يليت بمعنى وهو النقص ﴿إن الله غفور﴾ يستر الذنوب ﴿رَّحِيمٌ﴾ بهدايتهم للتوبة عن العيوب