الجبال فارّين من الفتنة في الدين مخلصين أنفسهم العبادة وهي الفعلة المنسوبة إلى الرهبان وهو الخائف فعلان من رهب كخشيان من خشي وانتصابها بفعل من مضمر يفسره الظاهر تقديره وابتدعوا رهبانية ﴿ابتدعوها﴾ أي أخرجوها من عند أنفسهم ونذروها ﴿مَا كتبناها عليهم﴾ لم نقرضها نحن عليهم ﴿إِلاَّ ابتغاء رضوان الله﴾ استثناء منقطع أي ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد مع الله لا يحل نكثة ﴿فآتينا الذين آمنوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ أي أهل الرأفة والرحمة الذين اتبعوا عيسى عليه السلام أو الذين آمنوا بمحمد ﷺ ﴿وكثير منهم فاسقون﴾ الكافرون
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨)
﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ الخطاب لأهل الكتاب ﴿اتقوا الله وآمنوا برسوله﴾ محمد ﷺ ﴿يُؤْتِكُمْ﴾ الله ﴿كِفْلَيْنِ﴾ نصيبين ﴿مّن رَّحْمَتِهِ﴾ لإيمانكم بمحمد ﷺ وإيمانكم بمن قبله ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ﴾ يوم القيامة ﴿نُوراً تَمْشُونَ بِهِ﴾ وهو النور المذكور في قوله يسعى نُورُهُم الآية ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ ذنوبكم ﴿والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)
﴿لّئَلاَّ يَعْلَمَ﴾ ليعلم ﴿أَهْلِ الكتاب﴾ الذين لم يسلموا ولا مزيدة ﴿أَلاَّ يَقْدِرُونَ﴾ أن مخففة من
الثقيلة أصله أنه لا يقدرون يعني أن الشأن لا يقدرون ﴿على شَىْءٍ مّن فَضْلِ الله﴾ أي لا ينالون شيئاً مما ذكر من فضل الله من الكفلين والنور والمغفرة لأنهم لم يؤمنوا برسول الله ﷺ فلم ينفعهم بايمانهم بمن قلهم ولم يكسبهم فضلاً قط ﴿وَأَنَّ الفضل﴾ عطف على أَن لا يَقْدِرُونَ ﴿بِيَدِ الله﴾ أي في ملكه وتصرفه ﴿يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾ من عباده ﴿والله ذُو الفضل العظيم﴾ والله أعلم


الصفحة التالية
Icon