لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٣)
﴿لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً﴾ أي أشد مرهوبية مصدر رهب المبني للمفعول وقوله ﴿فِى صُدُورِهِمْ﴾ دلالة على نفاقهم يعن أنهم يظهرون لكم في العلانية خوف الله وأنتم أهيب في صدورهم ﴿مّنَ الله ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ﴾ لا يعلمون الله وعظمته حتى يخشوه حق خشيته
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (١٤)
﴿لاَ يقاتلونكم﴾ لا يقدرون على مقاتلتكم ﴿جَمِيعاً﴾ مجتمعين يعني اليهود والمنافقين ﴿إِلا﴾ كائنين ﴿فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ﴾ بالخنادق والدروب ﴿أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ﴾ جدار مكي وأبو عمرو ﴿بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شديد﴾ يعنى أن البأس الشديد الذي يوصوفون به إنما هو بينهم إذا اقتتلوا ولو قاتلوكم لم يبق لهم ذلك البأس والشدة لأن الشجاع يجبن عند محاربة الله ورسوله ﴿يحسبهم﴾ أي اليهود والمنافقين ﴿جَمِيعاً﴾ مجتمعين ذوي ألفة واتحاد ﴿وقلوبهم شتى﴾ متفرقة لا ألفة بينهما يعنى أن بينهم احنا وءداوات فلا يتعاضدون حق التعاضد وهذا تجسير للمؤمنين وتشجيع لقلوبهم على قتالهم ﴿ذلك﴾ التفرق ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ﴾ أن تشتت القلوب مما يوهن قواهم ويعين على أرواحهم
كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٥)
﴿كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي مثلهم كمثل أهل بدر فحذف المبتدأ ﴿قريبا﴾ أي استقر من قبله زمناً قريباً ﴿ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله ﷺ من قولهم كلأ وبيل وخيم سيء العاقبة يعني ذاقوا عذاب القتل في الدنيا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أي ولهم مع ذلك في الآخرة عذاب النار
كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)
{كَمَثَلِ الشيطان إِذْ قَالَ للإنسان اكفر فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنّى بَرِىء مّنكَ إِنّى