﴿فأنساهم أَنفُسَهُمْ﴾ فتركهم من ذكره بالرحمة والتوفيق ﴿أُولَئِكَ هُمُ الفاسقون﴾ الخارجون عن طاعة الله
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠)
﴿لاَ يَسْتَوِى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هُمُ الفائزون﴾ هذا تنبيه للناس وإيذان بأنهم لفرط غفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وتهالكهم على إيثار العاجلة واتباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار والبون العظيم بين أصحابهما وأن الفوز العظيم مع أصحاب الجنة والعذاب الأليم مع أصحاب النار فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليك كما تقول لما يعق أباه هو أبوك تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبها بذلك على حق الأبوّة الذي يقتضي البر والتعطف وقد استدلت الشافعية بهذه الآية على أن المسلم لا يقتل بالكافر وأن الكافر لا يملك مال المسلم بالاستيلاء وقد أجبنا عن مثل هذا في أصول الفقه والكافي
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)
﴿لو أنزلنا هذا القرآن على جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خاشعا مُّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ الله﴾ أي من شان االقرآن وعظمته أنه لو جعل في الجبل تميز وأنزل عليه القرآن لخشع أي لخضع وتطأطأ وتصدع أي تشقق من خشية الله وجائزان يكون هذا تمثيلاً كما في قوله إِنَّا عرضنا الأمانة ويدل عليه قوله ﴿وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وهي إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل والمراد توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن وتدبر قوارعه وزواجره ثم رد على من أشرك وشبهه بخلقه فقال
هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (٢٢)
﴿هُوَ الله الذى لاَ إله إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الغيب والشهادة﴾
أي السر والعلانية أو الدنيا والآخرة أو المعدوم والموجود ﴿هو الرحمن الرحيم﴾