عليه فقال يا رسول الله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ولا أحببتهم منذ فارقتهم ولكني كنت أمرأ ملصقاً في قريش ولم أكن من أنفسها وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم وأموالهم غيري فخشيت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدقه وقبل عذره فقال عمر رضي الله عنه دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق فقال ﷺ ما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر رضي الله عنه فنزل ﴿يا أيها الذين آمنوا لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء﴾ عدي اتخذ إلى مفعوليه وهما عدوي وأولياء والعدوّ فعول من عدا كعفوّ من عفا ولكنه على زنة المصدر أوقع على الجمع إيقاعه على الواحد وفيه دليل على أن الكبيرة لا نسلب اسم الإيمان ﴿تُلْقُونَ﴾ حال من الضمير في لا نتخذوا التقدير لا تتخذوهم أولياء ملقين ﴿إِلَيْهِمْ بالمودة﴾ أو متسأنف بعد وقف على التوبيخ والا لقاء عبارة عن إيصال المودة والإفضاء بها إليهم والباء في المودة زائدة مؤكدة للتعدي كقوله وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إلى التهلكة أو ثابتة على أن مفعول تُلْقُونَ محذوف معناه تلقون اليهم اخبار رسول الله ﷺ بسبب المودة التي بينكم وبينهم ﴿وَقَدْ كَفَرُواْ﴾ حال من لاَ تَتَّخِذُواْ أو من تُلْقُونَ أي لا تتولهم أو توادونهم وهذه حالهم ﴿بِمَا جَاءكُمْ مّنَ الحق﴾ دين الإسلام والقرآن ﴿يُخْرِجُونَ الرسول وإياكم﴾ استئناف كالتفسير لكفرهم وعتوهم أو حال من كفروا ﴿أن تؤمنوا﴾ تعليل ليخرجون أي يخرجونكم من مكة لإيمانكم ﴿بالله رَبّكُمْ إن كنتم خرجتم﴾ متعلق بلا تَتَّخِذُواْ أي لا تتولوا أعدائي إن كنتم