بها ولم ينتفعوا بآياتها وذلك أن فيها نعت رسول الله ﷺ والبشارة به فلم يؤمنوا به كالحمار حمل كتباً كباراً من كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبه وظهره من الكد والتعب وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله ﴿بِئْسَ مَثَلُ القوم الذين كذبوا بآيات الله﴾ أي بئس مثلاً مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله أو بئس مثل القوم المكذبين مثلهم وهم اليهود الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صحة نبوة محمد ﷺ ﴿والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين﴾ أي وقت اختيارهم الظلم أو لا يهدي من سبق في علمه أنه يكون ظالما
قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦)
﴿قل يا أيها الذين هَادُواْ﴾ هاد يهود إذا تهود ﴿إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ الناس فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنتُمْ صادقين﴾ كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه أي إن كان قولكم حقاً وكنتم على ثقة فتمنوا على الله أن يميتكم وينقلكم سريعاً إلى دار كرامته التي أعدها لأوليائه ثم قال
وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧)
﴿وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ﴾ أي بسبب ما قدموا من الكفر ولا فرق بين
لا ولن في كل واحدة منهما نفي للمستقبل إلا أن في لن تأكيد وتشديدا ليس في لا بأني مرة بلفظ التأكيد ولن يتمنوه ومرة بغير لظفه ولا يَتَمَنَّونَهُ ﴿والله عَلِيمٌ بالظالمين﴾ وعيد لهم
قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)
﴿قُلْ إِنَّ الموت الذى تَفِرُّونَ مِنْهُ﴾ ولا تجسرون أن تتمنوه خيفة أن تأخذوا بوبال كفركم ﴿فَإِنَّهُ ملاقيكم﴾ لا محالة والجملة خبران ودخلت الفاء لتضمن الذي معنى الشرط ﴿ثُمَّ تُرَدُّونَ إلى عالم الغيب والشهادة فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فيجازيكم بما أنتم أهله من العقاب