أي ذلك كله بسبب أنهم آمنوا أي نطقوا بكلمة الشهادة وفعلوا كما يفعل من يدخل في الإسلام ثم كفروا ثم ظهر كفرهم بعد ذلك بقولهم إن كان ما يقوله محمد حقاً فنحن حمير ونحو ذلك أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزاء بالإسلام كقوله ﴿وَإِذَا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا﴾ الآية ﴿فَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ﴾ فختم عليها حتى لا يدخلها الإيمان جزاء على نفاقهم ﴿فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ﴾ لا يتدبرون أو لا يعرفون صحة الايمان
وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٤)
والخطاب في ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم﴾ لرسول الله أو لكل من
يخاطب ﴿وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ كان ابن أبي رجلا جسيما صبيحا واضحا وقوم من المنافقين في مثل صفته فكانوا يحضرون مجلس النبي ﷺ فيستندرون فيه ولهم جهارة المناظرة وفصاحة الألسن فكان النبي ﷺ ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم وموضع ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ﴾ رفع على هم كأنهم خشب أو هو كلام مستأنف لا محل له ﴿مُّسَنَّدَةٌ﴾ إلى الحائط شبهوا في اسنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير بالخشب المسندة على الحائط لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جمار أو غيرها من مظان الانتفاع وما دام متروكاً غير منتفع به اسند على الحائط فشبهوا به في عدم الانتفاع أو لأنهم أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام خُشُبٌ أبو عمرو غير عباس وعلي جمع خشبة كبدنة وبدن وخشب كثمرة وثمر ﴿يحسبون كلّ صيحةٍ عليهم﴾ كُلَّ صَيْحَةٍ مفعول أول والمفعول الثاني عَلَيْهِمْ وتم الكلام أي يحسبون كل صيحة واقعة عليهم وضارة لهم لخيفتهم ورعبهم يعني إذا نادى مناد في العسكر أو انفلتت دابة وانشدت ضالة ظنوه إبقاعا بهم ثم قال ﴿هُمُ العدو﴾ أي هم الكاملون في العدواة لان اعدى الاعداء العدو المداجي الذي الذي يكاشرك وتحت ضلوعه الداء