خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣)
﴿خَلَقَ السماوات والأرض بالحق﴾ بالحكمة البالغة وهو أن جعلها مقار المكلفين ليعلموا فيجازيهم ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ أي جعلكم أحسن الحيوان كله وأبهاه بدليل أن الإنسان لا يتمنى أن تكون صورته على خلاف ما يرى من سائر الصور ومن حسن صورته أنه خلق منتصباً غير منكب ومن كان دميم مشوه الصور سمج الخلقة فلا سماجة ثمّ ولكن الحسن على طقبات فلانحطاطها عما فوقها لا تستملح ولكنها غير خارجة عن حد الحسن وقالت الحكماء شيآن لا غاية لهما الجمال والبيان ﴿وَإِلَيْهِ المصير﴾ فأحسنوا سرائركم كما أحسن صوركم
يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤)
﴿يَعْلَمُ مَا فِى السماوات والأرض وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ والله عَلِيمُ بِذَاتِ الصدور﴾ نبه بعلمه ما في السموات والأرض ثم بعلمه بما يسره العباد ويعلنونه ثم بعلم بذات الصدور نبه بعلمه ما في السموات والأرض ثم بلعمه بما يسره العباد ويعلنونه ثم بعلمه بذات الصدور أن شيئاً من الكليات والجزئيات غير خاف عليه فحقه ان يتقي ويحذرولا يجترأ على شيء مما يخالف رضاه وتكرير العلم في معنى تكرير الوعيد وكل ما ذكره بعد قوله فمنك كَافِرٌ وَمِنكُمْ مُّؤْمِنٌ في معنى الوعيد على الكفر وانكار ان يعصى الخالق ولا تشكر نعمته
أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥)
﴿ألم يأتكم﴾ الخطاب لكفار مكة ﴿نبأ الذين كَفَرُواْ مِن قَبْلُ﴾ يعني قوم نوح وهود وصالح ولوط ﴿فَذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾ أي ذاقوا وبال كفرهم بالدنيا ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ في العقبى
ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦)
﴿ذلك﴾ إشارة إلى ما ذكر من الوبال الذي ذاقوه في الدنيا وما أعدلهم من العذاب في الآخر ﴿بِأَنَّهُ﴾ بأن الشأن والحديث ﴿كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات﴾ بالمعجزات ﴿فَقَالُواْ أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا﴾ أنكروا الرسالة للبشر ولم ينكروا العبادة للحجر ﴿فَكَفَرُواْ﴾ بالرسل ﴿وَتَوَلَّواْ﴾ عن الإيمان ﴿واستغنى الله﴾ أطلق ليتناول كل شيء ومن حملته أيمانهم وطاعتهم ﴿والله غَنِىٌّ﴾ عن خلقه ﴿حَمِيدٌ﴾ على صنعه