وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥)
﴿وَأُمْلِى لَهُمْ﴾ وأمهلهم ﴿إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ﴾ قوي شديد فسمى إحسانه وتمكينه كيداً كما سماه استدراجاً لكونه في صورة الكيد حيث كان سبباً للهلاك والأصل أن معنى الكيد والمكر والاستدراج هو الأخذ من جهة الأمن ولا يجوز أن يسمى الله كائداً وماكراً ومستدرجاً
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦)
﴿أم تسألهم﴾ على تبليغ الرسالة ﴿أَجْراً فَهُم مّن مَّغْرَمٍ﴾ غرامة ﴿مُّثْقَلُونَ﴾ فلا يؤمنون استفهام بمعنى النفي أي لست تطلب أجراً على تبليغ الوحي فيثقل عليهم ذلك فيمتنعوا لذلك
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧)
﴿أَمْ عِندَهُمُ الغيب﴾ أي اللوح المحفوظ عند الجمهور ﴿فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾ منه ما يحكمون به
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨)
﴿فاصبر لِحُكْمِ رَبّكَ﴾ وهو إمهالهم وتأخير نصرتك علهيم لأنهم وإن أمهلوا لم يهملوا ﴿وَلاَ تَكُن كصاحب الحوت﴾ كيونس عليه السلام في العجلة والغضب على القوم حتى لا تبتلى ببلائه والوقف على الحوت لأن إذ ليس بظرف لما تقدمه إذ النداء طاعة فلا ينهى عنه بل مفعول محذوف أي اذكر ﴿إِذْ نادى﴾ دعا ربه في بطن الحوت بلا إله إِلاَّ أَنتَ سبحانك إِنّى كُنتُ مِنَ الظالمين ﴿وَهُوَ مَكْظُومٌ﴾ مملوء غيظاً من كظم السقاء إذا ملأه
لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩)
﴿لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ﴾ رحمة ﴿مّن رَّبِّهِ﴾ أي
لولا أن الله أنعم عليه بإجابة دعائه وقبول عذره ﴿لَنُبِذَ﴾ من بطن الحوت ﴿بالعرآء﴾ بالفضاء ﴿وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾ معاتب بزلته لكنه رحم فنبذ غير مذموم
فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٥٠)
﴿فاجتباه رَبُّهُ﴾ اصطفاه لدعائه وعذره ﴿فَجَعَلَهُ مِنَ الصالحين﴾ من المستكملين لصفات الصلاح ولم يبق له زلة وقيل من الأنبياء وقيل من المرسلين والوجه هو الأول لأنه كان مرسلاً ونبياً قبله


الصفحة التالية
Icon