ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩)
﴿ثُمَّ إِنّى أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً﴾ أي خلطت دعاءهم بالعلانية بدعاء السر فالحاصل أنه دعاهم ليلاً ونهاراً في السر ثم دعاهم جهاراً ثم دعاهم في السر والعلن وهكذا يفعل الآمر بالمعروف يبتدئ بالأهون ثم بالأشد فالأشد فافتتح بالمناصحة في السر فلما لم يقبلوا ثنّى بالمجاهرة فلما تؤثر
ثلت الجمع بين الاسرار والاعلان وثم تدل على تباعد الأحوال لأن الجهار أغلظ من الإسرار والجمع بين الأمرين أغلظ من افراد احدهما
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠)
﴿فَقُلْتُ استغفروا رَبَّكُمْ﴾ من الشرك لأن الاستغفار طلب المغفرة فإن كان المستغفر كافراً فهو من الكفرة وإن كان عاصياً مؤمناً فهو من الذنوب ﴿إنه كان غفارا﴾ لم يزل غفارا الذنوب من ينيب إليه
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١)
﴿يرسل السماء﴾ المطر ﴿عليكم مدرارا﴾ كثيرة لدرور مفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (١٢)
﴿وَيُمْدِدْكُمْ بأموال وَبَنِينَ﴾ يزدكم أموالاً وبنين ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جنات﴾ بساتين ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾ جارية لمزارعكم وبساتينكم وكانوا يحبون الأموال والأولاد فحرّكوا بهذا على الإيمان وقيل لما كذبوه بعد طول تكريره الدعوة حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة أو سبعين فوعدهم أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخصب ورفع عنهم ما كانوا فيه وعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار فقيل له ما رأيناك استسقيت فقال لقد استقيت بمجاديح السماء التي يستنزل به المطر شبه عمر الاستغفار بالأنواء الصادقة التي لا تخطئ وقرأ الآيات وعن الحسن أن رجلاً شكا إليه الجدب فقال استغفر الله وشكا إليه آخر الفقر آخر قلة النسل وآخر قلة ربع أرضه فأمرهم كلهم بالاستغفار فقال له الربيع بن صبيح


الصفحة التالية
Icon