لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧)
﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خولوا منه ﴿وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبّهِ﴾ القرآن أو التوحيد أو العبادة ﴿يسلكه﴾ بالباء عراقي غير أبي بكر يدخله ﴿عَذَاباً صَعَداً﴾ شاقاً مصدر صعد يقال صعد صعداً وصعوداً فوصف به العذاب لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه ومنه قول عمر رضي الله تعالى عنه ما تصعدني شيء ما تصعدني خطبة النكاح أي ما شق عليّ
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)
﴿وأن المساجد لله﴾ من جملة الموحى أن اللام متعلقة بلا تَدْعُواْ أي ﴿فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ الله أَحَداً﴾ في المساجد لأنها خالصة لله ولعبادته وقيل المساجد أعضاء السجود وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (١٩)
﴿وأنه لما قام عبد الله﴾ محمدعليه السلام إلى الصلاة وتقديره وأوحي إلى أنه لما قام عبد الله ﴿يَدْعُوهُ﴾ يعبده ويقرأ القرآن ولم يقل نبي الله أو رسوله لأنه من أحب الاسماء إلى النبي ﷺ ولأنه لما كان واقعا في كلامه ﷺ عن نفسه جئ به على ما يقتضيه التواضع أو لأن عبادة عبد الله لله ليست بمستبعد حتى يكونوا عليه لبداً ﴿كَادُواْ﴾ كاد الجن ﴿يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً﴾ جماعات جمع لبدة تعجباً مما رأوا من عبادته واقتداء أصحابه به وإعجاباً بما تلاه من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله
قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (٢٠)
﴿قل إنما أدعو رَبّى﴾ وحده قَالَ غير عاصم وحمزة ﴿وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً﴾ في العبادة فلم تتعجبون وتزدحمون على
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (٢١)
﴿قُلْ إِنّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً﴾ مضرة ﴿وَلاَ رَشَداً﴾ نفعاً أو أراد بالضر الغي بدليل قراءة أبي غَيّاً وَلاَ رَشَداً يعني لا أستطيع أن أضركم وأن أنفعكم لأن الضار والنافع هو الله