الخلق سالم الأعضاء ﴿فَعَدَلَكَ﴾ فصيّرك معتدلاً متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا إحدى العينين أوسع ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائماً لا كالبهائم وبالتخفيف كوفي وهو بمعنى المشدد أي عدّل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت فكنت معتدل الخلقة متناسبا
فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)
﴿فِى أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ ما مزيد للتوكيد أي
ركبك في أي صورة اقتضتها مشيئته من الصور المختلفة في الحسن والقبح والطول والقصر ولم تعطف هذه الجملة كما عطف ما قبلها لأنها بيان لعدلك والجار يتعلق بركبك على معنى وضعك في بعض الصور ومكنك فيها أو بمحذوف أي ركبك حاصلاً في بعض الصور ﴿كَلاَّ﴾ ردع عن الغفلة عن الله تعالى
كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩)
﴿بَلْ تُكَذِّبُونَ بالدين﴾ أصلاً وهو الجزاء أو دين الإسلام فلا تصدقون ثواباً ولا عقاباً
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠)
﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لحافظين﴾ أعمالكم وأقوالكم من الملائكة
كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)
﴿كِرَاماً كاتبين﴾ يعني أنكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجاوزوا بها
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)
﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند الله من جلائل الأمور وفيه إنذار وتهويل للمجرمين ولطف للمتقين وعن الفضيل انه إذا قرأها قال ماأشدها من آية على الغافلين
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣)
﴿إِنَّ الأبرار لَفِى نَعِيمٍ﴾ إن المؤمنين لفي نعيم الجنة
وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)
﴿وَإِنَّ الفجار لَفِى جَحِيمٍ﴾ وإن الكفار لفي النار
يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥)
﴿يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدين﴾ يدخلونها يوم الجزاء
وَمَا هُمْ عَنْهَا


الصفحة التالية
Icon