قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (٣٢)
﴿قَالَ الذين استكبروا لِلَّذِينَ استضعفوا أَنَحْنُ صددناكم عَنِ الهدى﴾ أولى الاسم أي نحن حرف الإنكار لأن المراد انكار أن يكونوا هم الصادين لهم عن الإيمان وإثبات أنهم هم الذين صدوا بأنفسهم عنه وأنهم أتو من قبل اختيارهم ﴿بَعْدَ إِذْ جَاءكُمْ﴾ إنما وقعت إذ مضافاً إليها وإن كانت إذ وإذا من الظروف الازمة للظرفية لأنه قد اتسع فى الزمان مالم يتسع في غيره فأضيف إليها الزمان ﴿بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ﴾ كافرين لاختياركم وإيثاركم الضلال على الهدى لا بقولنا وتسويلنا
وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٣)
﴿وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا﴾ لم يأت بالعاطف في قَالَ الذين استكبروا وأتى به في وَقَالَ الذين استضعفوا لأن الذين استضعفوا أولا فلا كلامهم فجيء بالجواب محذوف العاطف على طريق الاستثناء ثم جيء بكلام آخر للمستضعفين فعطف على كلامهم الاول ﴿بل مكر الليل والنهار﴾ بل مكركم بنا بالليل والنهار فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به وإضافة المكر إليه أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الإسناد المجازي أي الليل والنهار مكراً بطول السلامة فيهما حتى ظننا أنكم على الحق ﴿إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بالله وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً﴾ أشباهاً والمعنى أن المستكبرين لما أنكروا بقولهم أَنَحْنُ صددناكم أن يكونوا هم السبب في كفر المستضعفين وأثبتوا بقولهم بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ أن ذلك بكسبهم واختيارهم كر عليهم المستضفون بقولهم بل مكر الليل والنهار فأبطلوا إضرابهم بأضرابهم كأنهم قالوا ما كان الإجرام من جهتنا بل من جهة مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا او حملكم إيانا على الشرك واتخاذ الأنداد ﴿وَأَسَرُّواْ الندامة﴾ اضمروا واظهروا وهو من الاضداد وهم الطالمون في قوله إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ يندم المستكبرون على ضلالهم وإضلالهم والمستضعفون على ضلالهم واتباعهم المظلين لما
سبأ (٣٧ - ٣٣)


الصفحة التالية
Icon