﴿وَجَعَلْنَا الأغلال فِى أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ﴾ أي في أعناقهم فجاء بالصريح للدلالة على ما استحقوا به الأغلال ﴿هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ في الدنيا
وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤)
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ﴾ نبي ﴿إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾ متنعموها ورؤساؤها ﴿إِنَّا بِمَا أرسلتم به كافرون﴾ هذه تسليه للنبى ﷺ مما مني به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به وأنه لم يرسل قط إلى أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ما قال لرسول الله ﷺ أهل مكة وافتخروا بكثرة الأموال والأولاد كما قال
وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥)
﴿وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أموالا وأولادا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ أرادوا أنهم أكرم على الله من أن يعذبهم نظراً إلى أحوالهم في الدنيا وظنوا أنهم لو لم يكرموا على الله لما رزقهم الله ولولا أن المؤمنين هانوا عليه لما حرمهم فأبطل الله ظنهم بأن الرزق فضل من الله يقسمه كيف يشاء فربما وسع على العاصى وضيق على المطبع وربما عكس وربما وسع عليهما أو ضيق عليهما فلا ينقاس عليهما أمر الثواب وذلك قوله
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٦)
﴿قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ﴾ قدر الرزق تضييقه قال الله تعالى ومن قدر عليه رزقه ﴿ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذلك
وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧)
﴿وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زلفى﴾ أي وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتى وذلك أن الجمع الكسر عقلاؤه وغيره عقلائه سواء في حكم التأنيث والزلفى والزلفة كالقربى والقربة ومحلها النصب على المصدر أي تقربكم قربة كقوله أَنبَتَكُمْ مّنَ الأرض نَبَاتاً ﴿إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ الاستثناء من كم في تُقَرّبُكُمْ يعني أن الأموال